فلسطين أون لاين

الإسلام هو السبب في هذه الجرائم!

وكأن لبس امرأة لحجاب، أو عرض أطعمة حلال في سوبرماركت، أو إطلاق رجل للحيته أو صلاته في مسجده بات هو الأساس في ظهور مشاكل عالمية لا حصر لها في عالم تثقله الحروب الظالمة والجهل والأمراض التي وقفت وراءها دول متقدمة تدَّعي الديموقراطية، لدرجة بات فيها عنوان المرحلة: فتك وقتل ودمار وتشوهات جسدية ونفسية التي لا أمل في الشفاء منها في المستقبل القريب من نصيب كل من يدين بدين الإسلام.

تناسى من يدعون الحضارة تعدياتهم وجرائمهم، ومضوا يلصقون التهم بالإسلام، فيصفونه بالإرهاب تارة، وبالتطرف وبأنه يعيش أزمة في كل مكان في العالم تارة أخرى. ولم يكتفوا بذلك، بل مضوا يرسمون رسومًا مسيئة لنبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكأن الإساءة لنبي البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام وإحراق المصاحف وتدمير المساجد ومنع الصلاة فيها هي الوسيلة الأمثل للتعبير عن حرية الرأي في دول تخادع نفسها ومواطنيها وتعد أن قمة الديمقراطية والحرية الشخصية تتجلى في انفلات عقال الإساءة، وفي التعري، والتحلل من القيم والأخلاق، فلا قيود على شيء سوى الدين، ولا دين أصلًا، ولا مُثُل عليا سوى ما تمليها عليهم شياطينهم. ومن يشذ عن هذه اللاءات، فهو رجعي، إرهابي، يجب محاربته واجتثاثه.. إنه عدو الحضارة التي اهتدوا إلى الوصول إليها بعد جهد جهيد.

ولا أدري تحديدًا من أعداء الحضارة فعلًا! هل هم المسلمين المضطهدين في شتى بقاع الأرض، أم أن عدو الحضارة والإنسانية هم القتلة المجرمون الذين يستضعفون المسلمين ويتدخلون في بلادهم ويحشرون أنفسهم في كل صغيرة وكبيرة فيها، ويقتلون ويهدمون ويشردون وينتهكون الأعراض تحت مسميات شتى؟

والله ما تجرأ ماكرون وأمثاله على ما تجرؤوا عليه إلا لأنهم لم يجدوا من يخرسهم ويضع لهم حدًّا.

يتناسى ماكرون تاريخ فرنسا الأسود الذي يعادي الإنسانية والحضارة ويضج بالعار والجرائم التي لا تُحصى، وبدلًا من أن يطأطئ رأسه خجلًا، نراه يمضي في لصق وصمة العار والإرهاب بالإسلام ومن يدينون فيه، ويمارس تضييقه على المسلمين الذين يحملون جنسية فرنسا، وكأن هؤلاء هم أساس البلاء في العالم.. فعجبًا لوقاحته!

وللتذكير فقط، دعونا هنا نمر معًا على بعض الأمثلة القليلة، القليلة فقط! من جرائم فرنسا التي لا تُحصى والتي تضج بها الوثائق التاريخية، لا لشيء إلا لنلقم من يسيئون للإسلام والمسلمين منهم حذاءً يسكتهم، لن أعود للتاريخ القديم لتاريخ الحروب الصليبية وحقبة نابليون، بل أتناول التاريخ الحديث:

* لأذكركم في البداية بحقبة استعمار فرنسا للعديد من دول إفريقيا في نهايات القرن التاسع عشر، حيث استعبدت شعوبها بصورة الرق الحديث لتوفر الأيدي العاملة لبناء مستعمراتها الجديدة واستولت على زراعة القطن، ونهبت خيراتها الوفيرة، كما قامت بنشر الفتنة ليسهل عليها السيطرة على القارة بأكملها، وحاربت فيها الإسلام الذي تعاديه شخصيًّا، وألغت القوانين الإسلامية المعمول بها، ومنعت استخدام اللغة العربية، ودمرت الآثار الإسلامية وحرقت المساجد والمدارس القرآنية التي خلفتها الممالك الإسلامية في المنطقة، وسعت بشكل ممنهج إلى طمس الهوية الإسلامية للشعوب الإفريقية وتحويلهم إلى النصرانية.

* ألا أحدِّثكم عن إحدى مجازر العار التي ارتكبتها فرنسا ويندى لها الجبين؟ حسنًا اصغوا إلي:

مجزرة كبكب، ارتكبها الاستعمار الفرنسي في تشاد في 15 تشرين الثاني عام 1917حين جَمع 400 رجل من رجال الدين والزعماء المحليين بحجة الحديث عن إدارة البلاد تحت حكم الاستعمار الفرنسي، وقاموا بذبحهم بدم بارد، ودفنهم في مقبرة جماعية، حتى لا يكونوا حجر عثرة أمام مخططاتهم.

* أم أحدثكم عن مجزرة باريس ضد العمال الجزائريين العزل وعائلاتهم الذين خرجوا في مسيرات سلمية في باريس احتجاجًا على فرض منع التجوال عليهم ليلًا من قبل مدير الشرطة، فقمعتهم الشرطة بضراوة ووحشية وألقت جثث العشرات منهم في نهر السين. وأكد المؤرخان البريطانيان جيم هاوس ونيل ماكماستر أن قمع الشرطة الفرنسية للجزائريين في هذا اليوم كان أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر؟

* ولا أظنكم نسيتم جماجم المجاهدين الجزائريين الثماني عشرة التي استعادتها الجزائر من فرنسا قبل مدة قصيرة! حيث كانت فرنسا الدولة الوحيدة التي أقامت متحفًا لجماجم آلاف المُجاهدين الجزائريين الأبطال الذين قاوموا استِعمارها لبلدهم وفدوها بدمائهم، فقتلتهم فرنسا واجتزت رؤوسهم، وعرضت جماجمهم في متحف سمته للمفارقة بمتحف "الإنسان" متفاخرة بقتلهم!

هناك الكثير من الأمثلة الأخرى التي لا يتسع لها المقال، ولكني أكتفي بهذه الأمثلة البسيطة بهدف التذكير.

وأقول في النهاية: عداء فرنسا للإسلام والمسلمين قديم قدم وجودها، وحروبها عليهم ليست وليدة اليوم.. فإن نسي العالم فنحن لا ننسى!