فلسطين أون لاين

​يدُ (إسرائيل) على الأرض.. وعينُ عباس على واشنطن

...
مستوطنة "رامات شلومو" بالقدس المحتلة (أرشيف)
رام الله / غزة - نبيل سنونو

يبدو أن الجديد هو القديم؛ سلطات الاحتلال مستمرة بالاستيطان، والسلطة الفلسطينية ماضية في مد يدها نحو التسوية، حسب تصريحات متكررة لرئيس السلطة محمود عباس، منها تأكيده خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مارس/آذار الماضي، تمسكه "بالسلام كخيار استراتيجي"؛ وفق تعبيره.

لكن ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس، عن بدء سلطات الاحتلال تحريك مخطط حي استيطاني جديد، في القدس المحتلة، يأتي في وقت يتحدث فيه ترامب عن "صفقة" للتسوية، ويستعد عباس للتوجه إلى واشنطن للقاء الأخير، معربا عن تطلعه للعمل معه لتحقيق هذا الهدف.

ويعتقد المتخصص في الشأن الإسرائيلي، علي حتر، أن قيادة السلطة ومنظمة التحرير تمنح سلطات الاحتلال "الوقت في المماطلة بالمفاوضات ليمكنوهم من توسيع الاستيطان"؛ على حد قوله.

ويوضح حتر، لصحيفة "فلسطين" أن عباس وأمين سر منظمة التحرير صائب عريقات، يعرفان أن سلطات الاحتلال تريد الاستيطان، متسائلا: "إلى متى سنبقى نحن نماطل ونعطيهم (سلطات الاحتلال) الفرصة للاستيطان؟".

وعن تطلع عباس إلى العمل مع ترامب لتحقيق التسوية، يشير إلى أن الولايات المتحدة منذ سنة 1948 لم تقدم جديدا لصالح الفلسطينيين، معتبرا أن ترامب "لا يختلف عن غيره" من الرؤساء الأمريكيين.

ويفسر بأن الولايات المتحدة هي "دولة مؤسسات، وحتى ترامب لا يستطيع أن يحكمها لوحده"، مبينا أن هذه المؤسسات "معظمها صهيوني وأن ما يزيد على 50 موظفا صهيونيا يدعمون (إسرائيل) في البيت الأبيض".

ويلفت إلى تصريحات مؤيدة لسلطات الاحتلال أطلقها مسؤولون في إدارة ترامب، الذي عين المحامي ديفيد فريدمان المؤيد للاستيطان، سفيرا لبلاده لدى (إسرائيل).

وسبق لترامب أن تعهد قبيل توليه رسميا مقاليد حكم الولايات المتحدة، بإعلان "القدس عاصمة موحدة لـ(إسرائيل)"، لكنه تحدث خلال مؤتمر صحفي جمعه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في فبراير الماضي عما وصفها بـ"مبادرة سلام جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد تتضمن الكثير من الدول".

من جهته، يؤكد المحلل السياسي جهاد حرب، أن مضي الاحتلال قدما في الاستيطان، "جزء من إجراءات تقوم بها حكومة اليمين الإسرائيلي لتكريس الاستيطان في مدينة القدس، وعزلها عن الجانب الفلسطيني".

ويقول لصحيفة "فلسطين"، إن سلطات الاحتلال تريد فرض أمر واقع، قبل الحديث عن عملية تسوية، إذا كانت لدى الإدارة الأمريكية الجديدة رؤية في هذا الصدد.

وفي المقابل، يرى أن السلطة تريد من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب، تحريك عملية التسوية، مشيرا إلى ارتفاع وتيرة الاستيطان على الأقل خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ وقف المفاوضات المباشرة بين السلطة والاحتلال، الذي امتنع عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو.

وتوقفت المفاوضات بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، نهاية أبريل/نيسان 2014 دون تحقيق أي نتائج تذكر بعد شهور من المباحثات بسبب رفض سلطات الاحتلال وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 أساسا للمفاوضات، والإفراج عن أسرى فلسطينيين قدماء في سجونها.

"مصالح" أمريكية

ويؤكد حرب، أن "الاستيطان زاد دون حسيب أو رقيب من المجتمع الدولي"، موضحا أن السلطة حاولت خلال الفترة الماضية وربما ستواصل خلال الأيام القادمة "لفت انتباه الإدارة الأمريكية".

ويتفق مع حتر، على أن الولايات المتحدة هي "دولة مؤسسات"، وأن أي تغيير في ملف التسوية يمكن أن يحدثه ترامب، "سيكون تحولا بسيطا عن الخطوط الرئيسة الموضوعة لدى الولايات المتحدة".

ويعتبر المحلل السياسي، أن وصفه "غياب الولايات المتحدة باعتبارها الدولة العظمى التي رعت لسنوات طويلة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أدى إلى مزيد من الاستيطان، وفي نفس الوقت لم يكن هناك تغيّر كبير واضح في المعادلة الدولية على الرغم من المؤشرات الجديدة بأن هناك صعودا لروسيا والصين للعب دور أكبر في العلاقات الدولية".

ويفسر بأن "الإدارة الأمريكية الجديدة لم تدن الاستيطان خلال الأشهر الماضية، لكن الإدارة السابقة (برئاسة باراك أوباما) سمحت بإدانة دولية للاستيطان من خلال مجلس الأمن بالقرار 2334 عندما امتنعت عن التصويت".

ويرى حرب أن واشنطن "هي دولة مؤسسات بالتالي من حيث المبدأ لا تشرعن الاستيطان من ناحية قانونية، لكنها أيضًا لها مصالح مع (إسرائيل)، وتغض النظر عن عملية الاستيطان".

ويوضح أن الولايات المتحدة "ما زالت الدولة الكبرى التي لها تأثير واسع في منطقة الشرق الأوسط سواء على (إسرائيل) أو الدول العربية".

وكانت حكومة رامي الحمد الله، قالت تزامنًا مع حلول يوم الأرض في 30 مارس/ آذار الماضي، إن 620 ألف مستوطن يقيمون في 423 موقعًا استيطانيًا (مستوطنات وبؤر)، مقامة على أراض تشكل مساحتها 46% من إجمالي مساحة الضفة الغربية.