يقول خبيران فلسطينيان: إن العمليات النوعية التي نفذتها الأذرع العسكرية للفصائل أرعبت جيش الاحتلال الإسرائيلي وأربكت حساباته عندما كان يسيطر على مناطق واسعة من قطاع غزة الساحلي، ويقيم عليها مستوطنات وثكنات ومرابض لآلياته العسكرية.
وبينما كان يعد الاحتلال هذه المستوطنات جبهة متقدمة ينطلق منها الجيش لارتكاب جرائمه وانتهاكاته بحق المواطنين في مناطق متفرقة من محافظات قطاع غزة، يؤكد الخبيران العسكريان أن عمليات المقاومة أثرت في كيان الجيش والمستوطنين، وهددت استمرار بقائهم في المستوطنات.
ويعيش الشعب الفلسطيني هذه الأيام ذكرى اندحار جيش الاحتلال وآلاف المستوطنين من غزة في سبتمبر/ أيلول لعام 2005، بعد احتلال امتد منذ سنة 1967.
ويقول الخبير المختص في الشؤون العسكرية العميد رفيق أبو هاني: إن "مستوطنات الاحتلال تشكل خطًّا متقدمًا للاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وكان الاحتلال يقيم بغزة عشرات البؤر الاستيطانية المنشرة من شمال القطاع حتى جنوبه".
وأضاف العميد أبو هاني لـ"فلسطين"، أن هذه المستوطنات شملت بؤرًا صناعية وزراعية وأيضًا خطًّا عسكريًّا متقدمًا للاحتلال وفيها مرابض للدبابات، تنطلق من خلالها قوات جيش الاحتلال في أي لحظة، مدللًا على ذلك بالاجتياحات التي كانت تشهدها مناطق متفرقة من مدن وأحياء غزة.
وأكد أن الشعب الفلسطيني كان يدرك منذ البداية أن المستوطنات تشكل خطرًا كبيرًا عليه، وعنوانًا مهمًّا للاحتلال الإسرائيلي.
وتابع أن المقاومة الفلسطينية استطاعت التأثير في جيش الاحتلال والمستوطنين من خلال قصف المستوطنات بقذائف الهاون والعمليات الاستشهادية.
ونبَّه إلى أن عمليات التفجير وكانت إحداها "براكين الغضب" شكلت خطورة كبيرة على وجود الاحتلال الذي لم يستطِع معالجتها أو التعامل معها، لذلك قرر مغادرة غزة بعدما كان رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أريئيل شارون يعدُ مستوطنة "نيتساريم" جنوبي مدينة غزة، مثلها مثل "تل أبيب" العاصمة الاقتصادية لـ(إسرائيل).
وأكد أن هذا القرار المؤلم للاحتلال بالاندحار من غزة جاء بعد خسارته أمام ضربات المقاومة، وشكل انتصارًا كبيرًا للمقاومة بغزة.
وأكمل: الاحتلال خرج مدحورًا من غزة وليست هناك أسباب غير ذلك دفعته لذلك رغمًا عنه.
والمستوطنات التي كانت في غزة وفق وكالة الأنباء "وفا" التابعة للسلطة، هي: جانيم، كديم، حومش، سانور، نيتسر حزاني، جاني طال، قطيف، نافيه دكاليم، جديد، غاني أور، بدولح، متسفيه (بني عتصمونة)، بيئات ساديه (1) و(2)، شيلو- ياكال، موراج، رفيح يام، إيرز، كفار يام، تل قطيفة، شيرات هيام، إيلي سيناي، دوغيت، نيسانيت"(1) و(2)، نتساريم، وكفار داروم.
من جهته قال المختص في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة: إن قطاع غزة شكل إحدى البؤر الساخنة ومنطقة تندلع فيها الانتفاضات وتزدهر فيها المقاومة التي استطاعت التطور كثيرًا في السنوات الماضية.
وأضاف أبو زبيدة لـ"فلسطين"، أن انتفاضة الأقصى شكلت تطورًا كبيرًا في العمل العسكري للمقاومة، واستطاع القائمون عليها إدخال وسائل جديدة، واستخدام الهاون في قصف المستوطنات، والعمليات الاستشهادية والهجومية من خلال الأنفاق.
وشدد على أن عمليات المقاومة سببت تكلفة باهظة الثمن لبقاء الاحتلال بغزة بعدما كان يسيطر على قرابة 40 بالمئة من أراضيها.
وتابع: عندما كانت المستوطنات بغزة لم يستطِع المستوطنون الخروج منها، وأصاب الاحتلال الاستهداف المباشر ومقتل جنود ومستوطنين على يد المقاومين عبر العمليات الهجومية التي شملت اقتحام المستوطنات والأنفاق.
وأكمل: "تحت ضربات المقاومة اندحر الاحتلال من غزة نتيجة الجهد لتشكيلات المقاومة وخاصة كتائب القسام التي نفذت العديد من العمليات".
وأردف المختص بالشؤون العسكرية: "تلقى الاحتلال آلامًا كبيرة، فالعمليات النوعية والدخول لقلب المستوطنات، أتاح استهداف الاحتلال وقادته في العمق، وكان لذلك تأثير في نفوس المستوطنين وقادة جيش الاحتلال".
ونبَّه إلى أن تكلفة بقاء الاحتلال باتت باهظة جدًّا، في ظل عدم قدرة الجيش على تأمين المستوطنات وكذلك الحواجز المنتشرة في محيطها.