اليوم قد نشهد اجتماعا للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وهي خطوة طال انتظارها 15 عاما، أي منذ توقيع اتفاقية القاهرة عام 2005، وتأتي هذه الخطوة المهمة بعد عدة خطوات ايجابية بين حركتي فتح وحماس التي بدأت مع إطلاق صفقة القرن وتعززت بعد اعلان دولة الاحتلال نيتها ضم الأغوار وأجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية" وإزالتها نهائيا عن طاولة المفاوضات كما هو واقعُ مدينة القدس.
انا مثل أي مواطن أخشى على نفسي من التفاؤل الزائد لكثرة الانتكاسات النفسية التي اوقعتها تصرفات الفصائل بمعنويات الشارع الفلسطيني في الوقت الذي يعاني فيه أصلا من الاحتلال وجرائمه في الضفة ومن الحصار المضروب على قطاع غزة، لا يمكن احتمال جرائم الاحتلال وإخفاق الفصائل الفلسطينية في توحيد الصف ورأب الصدع وإنهاء الانقسام من اجل التفرغ لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقضيته.
الاصل ان يكون لقاء اليوم بين الفصائل لتنفيذ اتفاقية القاهرة وان يتم التوافق على تفعيل الاطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير بمشاركة كل الفصائل الوطنية والاسلامية، على ان يبدأ ممارسة مهامه كقيادة فلسطينية توافقية الى حين اعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية حسب الآليات التي نصت عليها اتفاقية القاهرة.
ولكن اذا وجدنا ان الاجتماع بحد ذاته هو الهدف الرئيس، وان الأهداف الأخرى هي مواجهة صفقة القرن وقرار الضم والتطبيع الاماراتي دون الاتفاق على خطوات عملية لإنهاء الانقسام واتمام المصالحة فهذا يعني ان الفصائل تكذب على بعضها وعلى الشعب وانها تسعى فقط لإدارة الانقسام لا اكثر.
نحن الفلسطينيين لدينا معضلة واحدة وهي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ولا بد من التخلص منه، أما صفقة القرن وقرار الضم والتطبيع العربي فهي تحصيل حاصل لاحتلال فلسطين، وان استمر الاحتلال جاء ما هو أسوأ من صفقة القرن وغيرها، واذا انتهى انتهت كلها، وللعلم فإنني لا اجد أي فرق بين صفقة القرن واتفاقية اوسلو والمبادرة العربية للاستسلام، ولا فرق بين التطبيع الفلسطيني والتطبيع الاماراتي او العربي، وكلها ليست شرعية وتناقض الثوابت الفلسطينية، ولذلك لا بد ان يكون الهدف من اجتماع الامناء العامين للفصائل هو تنفيذ الاتفاقات السابقة، واهمها القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، لترتيب البيت الفلسطيني ودحر الاحتلال بشكل مرحلي من المناطق المحتلة عام 1967 في اطار القواسم المشتركة والشروط الواردة في وثيقة الوفاق وعلى رأسها عدم الاعتراف الفلسطيني بشرعية الاحتلال.