ما زال توجه آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية لشواطئ فلسطين المحتلة، يثير تساؤلات دون إجابة، لأنها الخطوة الأولى منذ سنوات طويلة، رغم التوتر الأمني القائم مع الضفة الغربية، رغم أنه بدا كأنه خطأ وإهمال من جانب السطات الإسرائيلية، ثم بدا لهم وكأنه توجه إسرائيلي، ربما لكسب لقمة العيش من النفقات التي سينفقها السياح الجدد داخل إسرائيل.
حتى وقت كتابة هذا المقال، لم يصدر تفسير إسرائيلي رسمي للسماح لآلاف الفلسطينيين بدخول البحر، ولم يكن أحد من الإسرائيليين في عجلة من أمره للقول إنه سيتم التحقيق في القضية، أو استخلاص النتائج.
حصلت هذه الخطوة الغريبة واللافتة في الوقت الذي تواصل فيه سلطات الاحتلال فرض القيود على التنقل بين الأراضي المحتلة وإسرائيل منذ الأيام الصعبة إبان الانتفاضة الأولى في الثمانينيات حين شهدت عمليات اختطاف وقتل الجنود، ثم فرضت قيود جديدة إبان تنفيذ أشد الهجمات المسلحة التي وقعت داخل إسرائيل، رغم أن أخطرها وقع بعد فرض هذه القيود، ويعود ذلك لحقيقة عدم قبول أي حكومة إسرائيلية تحمل المسؤولية التي ستُفرض عليها إذا وقع هجوم مسلح دامٍ بعد رفع تلك القيود.
مع العلم أن هذا الإغلاق يعتبر أداة لخلق ضغط اجتماعي على المسلحين المحتملين للامتناع عن تنفيذ مخططاتهم الهجومية، حتى لا يمنعوا دخول إسرائيل، مع أن القوة الشرائية للسياح الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل حاليًّا بعيدة كل البعد عن كونها رافعة نمو للاقتصاد الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، فمن الواضح أن إسرائيل أخذت مخاطرة محسوبة، ما قد يستدعي وقف الخرق في الجدار الفاصل قبل فوات الأوان، وفق المخاوف الإسرائيلية، فحشود الفلسطينيين الذين عبروا الجدار الفاصل دليل على انخفاض القوات في الضفة الغربية، رغم أن مرور العمال قد يشمل ضمنيًّا مسلحين فلسطينيين.
في نهاية اليوم عادت الحافلات للضفة الغربية، ووقفت مرة أخرى على جانبي الجدار، ونزل الفلسطينيون، وعادوا لمنازلهم، وهذا مشهد لم يأتِ ضمن مشروع إسرائيلي للنوايا الحسنة، وليس خطوة لتعزيز التعايش بين الشعبين، بل تكمن خلفه أهداف وأغراض لم تتكشف بعد، وإن بدت بعض مؤشراتها واضحة، لا تخطئها العين.
الجدير ذكره أن عبور آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل، يسلط الضوء على عدم اكتمال إقامة جدار الفصل العنصري بعد، فمساره المخطط يزيد على 700 كم، تم إنشاء 530 كم فقط، وبقيت جبال الخليل الجنوبية مكشوفة، بزعم النقص بموارد الجيش في السنوات الأخيرة، وفي بعض القطاعات أصبحت الثغرات طريقًا سريعًا، في جنين وطولكرم وقلقيلية، ومنها ظهرت معظم التفجيرات الكبرى في انتفاضة الأقصى.