عقدته الوحيدة هي "خطه الرديء" الذي كان يُنتقد بسببه، ويقرأ على كراساته بدلًا من عبارات التشجيع: "حسن خطك، لا أستطيع قراءة ما تكتب"، كان يتألم لخسرانه العلامات لذلك السبب، فدأب في مرحلة الثانوية على تحسين خطه تدريجيًّا بالاطلاع على الخطوط الجميلة وتقليدها، ونسخ سور من القرآن الكريم.
محمد السلامين (35 عامًا)، من بلدة السموع بمحافظة الخليل، في أثناء دراسته بكالوريوس أساليب اللغة العربية تلقى العديد من الدورات في الخط العربي وتعلم قواعده، وألحقه بالماجستير الذي بحث فيه المشكلة التي كان يعانيها في صغره، وعايشها مع طلبته خلال عمله معلمًا.
ما كان سبب مشكلته أصبح هوايته بعدما حصل على سبع دورات في الخط العربي بمراكز متعددة، وإعطاء دورات تأسيسية في الخط العربي لطلبة المدارس والجامعات.
يقول لصحيفة "فلسطين": "هناك سر لاهتمامي بالخط العربي، فاللغة العربية لغة القرآن الكريم "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (يوسف:2)، ومع هذا التطور المتسارع في التكنولوجيا والتقدم العلمي لاحظت تراجعًا في اهتمام بعض باللغة العربية عمومًا وبالخط العربي خاصة".
ما دفعه إلى البحث والتحري عن أهم الأسباب التي أدت إلى ما وصفه "رداءة الخط العربي" عند كثير من الطلبة في المدارس، خاصة المرحلة الأساسية، فوضعه ذلك أمام تحد للوصول إلى حل، ولو جزئيًّا.
موهبة أم بالتعلم؟
ولكن، هل حسن الخط العربي موهبة بالفطرة أم بالتعليم والتعلم؟، يجيب السلامين: "عندما كنت في المدرسة كان خطي سيئًا وأثر في تحصيلي الدراسي، وهو ما شجعني أن أصل إلى طريقة تعالج سوء الخط العربي،، لأني قد عانيت هذه المشكلة في صغري، وهنا أجيب عن سؤالك أن حسن الخط العربي يأتي بالمتابعة والتدريب وليس بالفطرة".
ويشير إلى أنه لا بد من الاهتمام بالخط العربي لكونه مرآة الشخص: "عليكم بحسن الخط فإنه مفتاح الرزق"، واستدل بقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): "الخط الحسن يزيد الحق وضوحًا".
ومن دراسته وعمله في التدريس تبين للسلامين أسبابًا أدت إلى "رداءة الخط العربي في المدارس عمومًا"، منها الاستغناء عن كراس الخط العربي في المدارس، وإغفال حصة الخط العربي في البرنامج الأسبوعي.
ويضيف: "أيضًا عدم عقد دورات للخط العربي للمعلمين وللطلبة، والسرعة في الكتابة، ما يؤدي إلى رداءة الخط، ونظام السطر الواحد المتبع الذي لا يراعي الأحرف الصاعدة والهابطة والتناسق بين الأحرف، وعدم وضع الحركات وعلامات الترقيم".
بعد أن كان خطه رديئًا أصبح خطاطًا ومعلمًا له أسلوبه الخاص وطريقته في تعليم الخط العربي، يتابع: "كل باحث ينبش عن أسباب المشكلة ويحاول قدر الإمكان الوصول إلى حلول، فاعتمدت بتدريبي على أن أعد الذي أدربه طالب صف أول، وأتبع معه شرح كيفية كتابة الحرف بالشكل الصحيح واستخدام الأسهم على الأحرف".
أصبح عاشقًا للخط العربي، ما دفعه للاهتمام به وتطويره والبحث عن طرق جديدة لعلاج المشكلة، فألف كراسة للخط العربي انتشرت على مستوى الوطن, ففي البداية طبق الفكرة على عينة عشوائية لأصحاب خطوط غير مقروءة وطبق تجربة الكتابة على ثلاثة أسطر، وبعد ملاحظة النتائج القبلية والبعدية، نشر فكرة الكراسة في بعض المدارس سنة تجريبية، ونقل التجربة عبر (الفيديو كونفرنس) مع قطاع غزة لنشر الفكرة، وسجله بوزارة الثقافة والاعلام براءة اختراع.
ويطمح السلامين إلى دراسة الدكتوراة في الخط العربي والإلمام أكثر بهذا المجال، واعتماد إستراتيجية الكتابة على ثلاثة أسطر في المدارس الحكومية والخاصة، آملًا الاهتمام بالخط العربي وقواعده، وإعطاء حصة خط عربي كاملة في البرنامج الأسبوعي وعدم تهميشها، وعدم السرعة في أثناء الكتابة لأن آفة الخط السرعة.
ويدعو لطرح مادة الخط مادة اختيارية لطلاب الجامعات الفلسطينية ومادة إجبارية لطلاب اللغة العربية، وتعويد الطالب الكتابة والنسخ عدة مرات، قائلًا: "لا أقصد بهذا الضغط على الطالب للكتابة، وتبني وزارة التربية والتعليم فكرة الكراسة وتعميمها على مدارس الوطن كافة".