فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

كرم أبو سالم مغلق منذ 40 يومًا ..

تقرير أزمة الطحين تخنق العائلات وسط حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال

...
أزمة الطحين تخنق العائلات وسط حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال
غزة/ صفاء سعيد:

يعيش قطاع غزة منذ مطلع مارس الماضي على وقع أزمة إنسانية خانقة، بعد أن أعاد الاحتلال الإسرائيلي شن حرب الإبادة من جديد، التي ترافقت مع إغلاق معبر كرم أبو سالم، الشريان التجاري والإنساني الوحيد لسكان غزة.

ومع توقف تدفق المواد الغذائية، برزت أزمة الطحين واحدة من أكثر الأزمات إلحاحًا وخطورة، وسط عجز العائلات عن توفير رغيف الخبز، وغياب البدائل.

وتفاقمت الأزمة مع توقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن توزيع المساعدات الغذائية، ما حرم آلاف الأسر من الحصول على كيس الطحين الذي كان بمثابة طوق نجاة شهري، في ظل الانهيار الاقتصادي العام وانعدام مصادر الدخل.

سمية الغرة، نازحة في أحد المخيمات في حي تل الهوا، تقول: "إن توفير الطحين أصبح الهمَّ الوحيد عندها هي وزوجها، خاصة مع اقتراب انتهاء الكيس الوحيد المتبقي لديهم"، موضحةً أنها أم لثلاثة أطفال.

وتضيف لصحيفة "فلسطين": "توقفت وكالة الأونروا عن توزيع الطحين للعائلات المكوّنة من ستة أفراد، ونحن خمسة. كما أن زوجي لا يعمل، مثله مثل كثيرين من أهل غزة، ولا يمكنه شراء الطحين بالأسعار الفلكية الموجودة في الأسواق حاليًا".

وتشير إلى أنها اضطرت إلى تقليل وجبات الطعام التي تقدمها للعائلة، للتخفيف من استهلاك الطحين إلى حين حدوث انفراجه وعودة فتح المعابر.

أما محمد الحاج أحمد، فيبيّن أنه بعد سريان الهدنة وفتح المخابز، توجه للاعتماد بشكل كلي على شراء الخبز منها، فربطة الخبز كانت تكفيه لعائلته الصغيرة المكوّنة من أربعة أفراد، لكن مع توقف المخابز عن العمل مؤخرًا، اضطر لشراء كيس الطحين بسعر 320 شيقل.

ويقول لـ"فلسطين": "لم يصل اسمي لاستلام الطحين من الأونروا، فاضطررت لشرائه بسعرٍ غالٍ جدًا من أحد الباعة في شوارع مدينة غزة"، لافتًا إلى أن الأزمة لا تقتصر على عدم توفر الطحين، بل تمتد إلى عدم توفر الخميرة، بالإضافة إلى الحاجة لشراء الحطب والعودة للخبز والطبخ على النار من جديد".

وكانت جميع المخابز في قطاع غزة قد توقفت عن العمل مع بداية شهر أبريل الجاري، بسبب نفاد الطحين والوقود، إثر منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالهما إلى القطاع، وهو ما فاقم من معاناة الأهالي في القطاع.

وبحسب جمعية المخابز في غزة، فإن القطاع يستهلك 450 طنًا من الطحين يوميًا، وكانت المخابز تغطي 50% من احتياجات المواطنين.

أما شيرين الكسيح، من بيت لاهيا ونازحة عند أقارب لها في مدينة غزة، فتشير إلى أنها تحاول التعايش هي وعائلتها مع كميات الخبز القليلة، وإيجاد بدائل من الكوبونات التي كانت تحصل عليها في أوقات سابقة.

وتذكر لـ"فلسطين": "عادت المعكرونة والأرز ليكونا الطبق البديل والأساسي عن الخبز، ففي النهاية توجد بطون جائعة يجب إطعامها"، منبّهة إلى أن الأمر صعب للغاية، خاصة في ظل عدم سماح الاحتلال بإدخال الخضروات والفواكه واللحوم، سواء الطازجة أو المجمدة.

وتقول: "الخبز بالنسبة إلنا مش رفاهية، هو الأساس بكل وجبة، ولما ينقطع الطحين، كل الحياة بتختل، حتى نفسيات الأولاد تعبت من قلة الخيارات في الأكل المتوفرة في القطاع".

مراكز حقوقية ودولية حذّرت من تفاقم أزمة الجوع بين المدنيين في قطاع غزة، مع استمرار إغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية منذ أكثر من 40 يومًا، ومنع إدخال المساعدات الإغاثية، بما فيها الدقيق والمواد الغذائية، لا سيما بعد إغلاق كافة المخابز العاملة في القطاع وتوقفها عن العمل، ما ينذر بمجاعة حقيقية تهدد حياة مليوني فلسطيني يعتمدون على المساعدات الغذائية.

أزمة الطحين ليست مجرد مسألة غذائية، بل عنوان لمعاناة مركبة يعيشها أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة، يُحاصرون بالحرب والمجاعة. ومع غياب تدخل دولي حقيقي، واستمرار الإغلاق الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم، وتوقف الأونروا عن أداء دورها الإنساني، تبقى العائلات في مواجهة مصير مجهول، في انتظار انفراجه لا تلوح في الأفق القريب.

 

المصدر / فلسطين لأون لاين