يوما بعد يوم يتضح حجم المصالح والأهداف التي يسعى بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لتحقيقها في الذهاب إلى انتخابات جديدة قريبا، خاصة في ضوء محاكمته الوشيكة، وإمكانية مكوثه في السجن، والخوف من توقيت صدور قرار المحكمة العليا، وخسارته المزيد من المقاعد البرلمانية في أثناء أزمة كورونا، ما يزيد من مستوى التوتر في الائتلاف الحكومي، الذي يستمر في التصاعد مع مرور الوقت.
هذه الأزمة تذكرنا بما يواجه شراكة نتنياهو-غانتس، خاصة في أهم اختبار لها وهو ميزانية دولة الاحتلال، فرغم اعتبارها حدثًا كبيرًا حقًا، لكن سيتم توضيح أنها لا تقف وحدها بالتوازي مع الأحداث الأخرى، لا سيما المحاكمة الجنائية لرئيس الوزراء.
هناك من الإسرائيليين من يعتقدون أنه لن يكون هناك هروب من الانتخابات قريبا، فنتنياهو ينتظر في يناير بدء محاكمته، وسيطلب منه حضور جلسات أسبوعية، وتقدر المصادر السياسية أن قلقه كبير في هذا الوقت، لأن المعطيات الميدانية تفعل فعلها لتهيئة الظروف التي تجعل من الصعب على نتنياهو العمل، وبالتالي لن يكون هناك خيار سوى إرساله للسجن.
هذا الوضع الجديد ينشئ حالة من تضارب المصالح التي تمنع نتنياهو من التعامل مع مختلف القضايا، وقد تكون أساسا للادعاء بأنه لن يتمكن من العمل بهذه الطريقة، مع أن القانون الأساسي ينص على أنه إذا كان رئيس الوزراء عاجزًا مؤقتًا عن أداء واجباته، يحل محل نائبه؛ ويقوم بواجباته بانتظام، ويخشى نتنياهو من هذا البند، ومن المرجح أن يأخذه بعين الاعتبار قبل أن يتحرك للأمام نحو الانتخابات.
حتى لو تمكن نتنياهو من القفز فوق هذه العقبة، فهناك المزيد من المطبات في طريقه، تتطلب منه الذهاب لصناديق الاقتراع بسرعة، فلا يزال يفقد المزيد من الأصوات في ظل معالجته الفاشلة لأزمة كورونا، والافتراض أن النزيف في المقاعد سيستمر، وفي كل يوم يمر، فإن المستفيدين الأكبر من حكومة نتنياهو وغانتس، هم رموز المعارضة الذين يجلسون في المدرجات بانتظار سقوطهما.
ليس من المتوقع أن يوافق نتنياهو على حالة النزيف في المقاعد البرلمانية، وهذه بالنسبة له مخاطرة، قد تجعله يخسر أكثر في مرحلة لاحقة، رغم أن شريكه "الغريم" غانتس لا يقلل من المخاطر الموجودة خلال هذه الفترة بنسبة واحد بالمائة، حتى يتفكك التحالف قريبًا نحو حملة انتخابية أخرى.
مع العلم أن آلية التناوب على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وغانتس، تبدو مهددة بالتفكك، وهذا سبب إصرار نتنياهو الآن على إقرار ميزانية سنوية لبضعة أشهر فقط، تسمح له بالمزيد من المناورة في ضوء الأحداث الكبرى التي يتوقع أن يتعامل معها على المستوى الشخصي، وكل ذلك يؤكد أن غانتس لن يكون رئيسًا للوزراء في هذه الفترة.