فلسطين أون لاين

تقرير فلسطينيو يافا يراهنون على الحراك الشعبي لمنع تجريف "مقبرة الإسعاف"

...
غزة- فاطمة الزهراء العويني

أكد مسؤولان في مدينة يافا المحتلة أن الاحتلال الإسرائيلي مدعومًا بقرارات جهازه القضائي غير المنصفة يستمر في استهداف مقبرة الإسعاف بالمدينة بغرض تجريفها، مؤكدين أن حراكًا شعبيًّا سيندلع لمواجهة القرار في ظل غياب أي جهات داعمة لفلسطينيي الـ48، أمام تغوُّل مؤسسات الاحتلال عليهم.

وتظاهر العشرات من شباب مدينة يافا للمرة الثانية أمام منزل رئيس بلدية "تل أبيب" رون خولدائي مساء اول من أمس، احتجاجا على استئناف العمل بمشروع إقامة مبنى لإيواء المشردين على أرض مقبرة الإسعاف الإسلامية في يافا.

قضاء منحاز

محامي الهيئة الاسلامية المنتخبة في يافا، عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن مقبرة الإسعاف رمزي كتيلات، بيَّن أنهم يخوضون - قضائيًا- جولتين؛ الأولى تتعلق بوقف الأعمال التي تُجرى في أرض المقبرة، والثانية السعي لإلغاء المشروع الذي تعتزم بلدية "تل أبيب – يافا" تنفيذه مكانها.

وقال: "محكمة الاحتلال أعطت قرارًا مبدئيا في يناير الفائت يسمح للبلدية بالبدء بالمشروع بحجة أن مصلحة تطوير المدينة تفوق مصلحة الحفاظ على كرامة الأموات، مستندةً إلى قرارات سابقة أصدرتها المحكمة العليا الإسرائيلية بخصوص مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة".

وأفاد كتيلات بأن البلدية بدأت أعمال التجريف في يونيو/ حزيران الماضي، فقدَّمت اللجنة التماسًا لتعطيل تصريح البناء، وترافعت بوثائق تثبت بطلان التصريح، ما دفع المحكمة في 17 من الشهر ذاته لوقف أعمال التجريف شهرًا واحدًا إلى حين إتمام الإجراءات القضائية، "لكنها في الخامس من يوليو/ تموز اتخذت قررًا ببطلان المنع الاحترازي وسمحت بإعادة التجريف".

وذكر أن البلدية وجَّهت رصاصًا إلى صدر الجمهور اليافاوي حينما قررت أول من أمس استئناف الأعمال الإنشائية في أرض المقبرة.

وقال كتيلات: "سنمنع هذه الانتهاكات بكل ما أوتينا من قوة، وسنواصل التحدي ومحاولة إيقاف أعمال التجريف (..) فنحن لا نعوّل على القضاء الإسرائيلي لأنه جزء من المنظومة الإسرائيلية المناهضة لنا وسنعمل على فضح دوره في انتهاكات المقدسات الإسلامية".

وأكد أنهم سيواصلون في المسار القضائي، "فلم نستنفد كل ما في جعبتنا في هذا الصعيد لإيقاف المشروع، وما زالت هناك إمكانية لتقديم الاستئناف، وأمور قضائية أخرى ندرسها دراسةً مكثَّفة تتعلق بأصل ملكية الأرض الوقفية".

وأضاف كتيلات: "سنستمر في الحراك القضائي جنبًا إلى جنب مع الحراك الشعبي مع يقيننا أن القضاء الإسرائيلي ذراع لمحاولة شرعنة جرائم وانتهاكات الاحتلال بحقِّنا، ولن نعوِّل عليه، فهو شريك في الجريمة ولم ينصفنا أبدًا في قضايانا الأساسية المتعلقة بالأرض والمقدسات التي يدور عليها الصراع بيننا وبين الاحتلال".

تجريف المقابر

أما عضو الحركة الإسلامية في يافا الشيخ محمد محاميد فبيَّن أنهم لا يتوقَّعون من القضاء الإسرائيلي أن ينصفهم، قائلًا: "هذا القضاء نفسه الذي نختصم أمامه يجرِّف حاليًّا مقبرة السرايا المملوكية في صفد المقامة هناك منذ سبعة قرون، لبناء محكمة إسرائيلية على أنقاض القبور".

واستدرك: "لكننا لجأنا إليه من باب استعمال جميع الوسائل المتاحة لعرقلة أو تأخير تجريف المقبرة وهو كالعادة لم ينصفنا، فقدَّمنا التماسًا قانونيًّا إثر شروع الاحتلال في تجريف المقبرة فأصدرت المحكمة قرارًا بتجميد التجريف شهرًا واحدًا فقط".

وأضاف محاميد: "فوجئنا قبل أسبوع بقرار من المحكمة ذاتها يسمح لبلدية "تل أبيب – يافا" باستئناف التجريف قبل أن ينتهي الشهر، حيث شرعت الجرافات يوم الثلاثاء الماضي بتنفيذ عملية الهدم، فنظمنا وقفة احتجاجية لعشرات الشباب من يافا مقابل منزل رئيس البلدية".

وعُقِد أمس اجتماع شعبيّ حاشد في مسجد العجمي لمتابعة خطوات التصدي لسلوك البلدية على أن يشهد اليوم الخميس مظاهرة دراجات نارية حاشدة للغرض ذاته.

وعزا محاميد سبب المشكلة إلى كون أوقاف الأراضي المحتلة عام 48 لا تتبع لمؤسسة وقفية بل تُصادَر على اختلاف أنواعها من أراضٍ ومساجد ومقامات ومقابر وغيرها، بموجب قانون "أملاك الغائبين" في خمسينيات القرن الماضي، حيث أصبحت تابعة لدائرة أراضي (إسرائيل) أي تابعة لدولة الاحتلال.

وبيّن أنه لم تبقَ سوى (9%) من تلك الأوقاف، حيث تعرّض أغلبها للهدم والمصادرة، "(إسرائيل) تمارس تمييزًا عنصريًّا صارخًا بحق فلسطينيي الـ48 وعلى جميع المستويات".

ولفت محاميد إلى أن هذا ليس الاعتداء الإسرائيلي الأول على مقبرة إسلامية في يافا بل سبقه تجريف عدد منها كمقبرة يازور، ومقبرة قرية سلمة، ومقبرة عبد النبي، ومقبرة الشيخ مونس (أقيمت على أنقاضها جامعة تل أبيب)، "فالوضع يرثى له ولم يبقَ سوى بعض المقابر التي استطعنا الحفاظ عليها بحراك المجتمع الفلسطيني داخليَّا".

وأبدى أسفه على عدم وجود جهات رسمية فلسطينية ولا هيئات أممية تساندهم، قائلاً: "لقد وصل الحال بالقضاء الإسرائيلي أن يبني محاكمه على أنقاض عظامنا فلا نعوِّل سوى على هبَّة جماهيرية وحراك شعبي لوقف هذه الانتهاكات".

وأكد أن المقبرة جزء بسيط مما تبقى من حي الشيخ في يافا الذي هدمه الاحتلال عام 48، حيث كان يذهب ريع الأوقاف الملحقة بها لشهداء وجرحى الثورة الفلسطينية قبل النكبة.