كورونا تعصف بمدن الضفة الغربية. الجهات الرسمية قررت إغلاق بعض المدن كالخليل ونابلس إغلاقا كاملا، وقررت منع حركة التنقل بين المدن. عدد الإصابات اليومية بالمئات لا بالعشرات. لا توجد سيطرة على الوباء. الوباء ينتشر ويتمدد يوما بعد يوم. المستشفيات لا تملك المعدات اللازمة لعلاج الحالات الصعبة. أجهزة التنفس الاصطناعي لا تكفي لعُشر المصابين. فقدنا السيطرة، أو قل كادت الجهات الصحية أن تفقد السيطرة، وأن تغرق في التداعيات.
حين تفقد السلطات الصحية السيطرة، ويغرق المجتمع في التداعيات، تتجدد الأسئلة عمن يتحمل المسئولية عن انتشار الوباء بهذه السرعة بعد أن مرت أسابيع على تعافي بيت لحم وبقية مدن الضفة.
هل هناك أخطاء بشرية؟! ومن المسئول عنها إن وجدت؟! يقول بعض المتابعين والمهتمين بصحة المجتمع: نعم، هناك أخطاء بشرية! ولا يجوز إلقاء عيوبنا على القضاء والقدر!
يقولون في الدفاع : نحن نعيش تبعا لدولة الاحتلال في كل شيء، ودولة الاحتلال بؤرة مصدرة للوباء. وسياسة مناعة القطيع التي تعتمدها دولة الاحتلال جاءتنا مع الفيروس أيضا.
نعم، المؤسف أن سلطتنا مارست فيما يبدو سياسة ( مناعة القطيع) تقليدا للغير وتبعا لهم، في حين بيئتنا الضفاوية لا تحتمل هذه السياسة. وكان الأجدى والله أعلم أن تتبع سياسة الحجر الصحي، وأن تتحمل بعض النفقات الإضافية. ولا أظن أن هناك معوقات لوجستية كبيرة تمنع اتباع سياسة الحجر الصحي، فإذا كانت المنافذُ مع الاحتلال متعددةً، والعمالُ موزعين على هذه المنافذ، فإنه بالإمكان ضبط حركة العمال والسيطرة عليها، وقد استطاعت السلطة السيطرة على حركة المقاومين، ومنعت أعمالهم. من يسيطر على المقاومين وأفعالهم يمكنه بطريقة أسهل أن يسيطر على حركة العمال ذهابا وإيابا!
نعم، سبق السيف العذل، ولا جدوى كبيرة من التحقيق في المسئوليات، والأهم الآن أن تضاعف السلطات الصحية في الضفة العزيزة علينا عملها، وإجراءاتها في مواجهة الوباء، وأن تعمل على استدراك ما يمكن استدراكه، فما فاتنا لا يمنع أن نستقبل ما هو آت بقوة تمنع تفاقم الأزمة.
إن إغلاق بعض المدن لمدة، ومنع التنقل بين المحافظات لمدة، إجراءات واجبة، والمواطنون يتفهمون هذه الإجراءات، وصحة المجتمع مقدمة على حاجات النفس الأخرى. الوباء ينتشر، والمجتمع في خطر، وإذا تساهلت غزة لا سمح الله في إجراءات الحجر لحقت لا محالة بالضفة، لذا قرعنا جرس التنبيه والنصيحة.