بصورة لافتة حظيت لقاءات حركتي فتح وحماس الأخيرة بتغطية إعلامية إسرائيلية واسعة، وفي الوقت ذاته حملت تخوفات كبيرة، بزعم أنها ستمنح حماس غطاء سياسيا وأمنيا في الضفة الغربية، وقد تزيل أمامها العقبات لاستئناف العمليات المسلحة ضد إسرائيل هناك، في حال رفعت السلطة الفلسطينية يدها عن ملاحقتها.
فقد عدت أوساط إسرائيلية أن اللقاءات الأخيرة التي جمعت كبار مسؤولي فتح وحماس عبر الأقمار الصناعية، تعطي حماس ضوءا أخضر "لرفع رأسها" بالضفة، رغم أن محمود عباس لا يريد عودة المقاومة المسلحة، ولذلك فإن أساس التخوفات الإسرائيلية من اللقاءات، أنها قد تسفر عن إحداث تغير في الوضع الهادئ نسبيا على الأرض، خاصة في الضفة الغربية، وبالتالي فإن هذا الوضع قد يتغير بشكل كبير على الساحة الميدانية.
صحيح أن العقد الماضي شهد سلسلة لقاءات بين حركتي فتح وحماس، وحازت على كميات كبيرة من العناق والابتسامات والمصافحات بين قادتهما، وقليل من الفلسطينيين يتذكرون عدد المرات التي أعلن عنها في غزة والقاهرة وبيروت والدوحة وموسكو، وفي محادثات أكثر سرية، حول فتح صفحة جديدة بينهما، لكن المشترك بين كل هذه الإعلانات أنه لا شيء خرج منها، إذن ما الذي سيتغير هذه المرة؟
رأى الإسرائيليون أن هناك أمرين استجدا على هذه اللقاءات الأخيرة: أولهما أن أيا من القياديين، الرجوب والعاروري، لم يصرحا في المؤتمر الصحفي بتصريحات علنية حول إنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة، أو إجراء انتخابات جديدة، والثاني أن الجهة التي شجعت هذين القياديين المخضرمين على دخول غرفة ZOOM هي إسرائيل.
رغم كل ذلك، يبدي الإسرائيليون اطمئنانا تجاه ترجيح فرضية أن عباس لا يزال يلتزم بسياسة تعارض الهجمات المسلحة بشدة، ومن المفترض أنه لا يريد حقّا رؤية أعلام خضراء لحماس تظهر بكل زاوية وشارع في الضفة الغربية، لكن عندما يتحدث الرجوب عن قتال مشترك مع حماس ضد خطة الضم، ومع الرجل المسؤول عن إنشاء البنية التحتية العسكرية لحماس في الضفة الغربية، فإنه يخاطر بركوب ظهر النمر، لأنه قد يكون لهذه الخطوة بين فتح وحماس نتائج فورية على دوافع الأخيرة لتنفيذ هجمات مسلحة في الضفة الغربية.
في الوقت ذاته، تحدثت محافل إسرائيلية أن لقاءات قادة حماس وفتح عبر التقنيات الإلكترونية قد تشير لشراكة بينهما بالضفة الغربية ضد خطة الضم، من خلال تعاون ينذر بالخطر، وفق الرؤية الإسرائيلية، لأن التعاون بين فتح وحماس، مهما كان محدودا، يعد تطورا كبيرا لإسرائيل، وبات مسلما به أن السرعة التي تم بها التوصل لهذا الاتفاق فاجأت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، رغم أن مثل هذا الاحتمال كان على المحك منذ أن بدأت إجراءات الضم.