قلنا في مقال سابق إن من مشروعات السلطة وفتح في مواجهة خطط الضم: (إعلان قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967م)، وهو مشروع لا يحظى بموافقة محمود عباس، لضعف جدواه العملية. والآن نقارب طرحًا آخر جرى نقاشه في الغرف المغلقة، وهو: (الإعلان عن حلِّ السلطة). وهذا المشروع ما زال فكرة يتداولها بعض المقتنعين بها، وبعض الناقمين على الوضع القائم، بما فيه من فساد، ومنافع شخصية.
فكرة حل السلطة تقتضي أن نعلم أن قيام السلطة كان نتاجًا مباشرًا لاتفاق أوسلو. وثمة في قراءة السلطة أوسلو واحد، وهو المتضمن لاتفاق المبادئ، الذي بموجبه نشأت السلطة. وأسلو اثنان، والذي يتضمن الاتفاق الاقتصادي والأمني. وحين طرح المجتمعون من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قال أحدهم: إن مشروع الاقتراح يتعلق فقط (بأوسلو٢)، (وليس بأوسلو١).
لأن أوسلو واحد هو مكسب حقيقي بموجبه تم الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلًا للشعب الفلسطيني، وبموجبه قامت السلطة التي هي مكسب وطني بلا منازعة؟!
هذا الطرح الذي حظي بتأييد الأغلبية فيه استمساك فلسطيني بالسلطة ككيان يدير الشأن الفلسطيني، وفيه تمسك لا يتزعزع باتفاق أوسلو (اتفاق المبادئ)، ومن ثمة يمكن القول إن أعضاء اللجنة التنفيذية لا يقبلون بحلّ السلطة بحسب الدعوات الشعبية والفصائلية، التي ترى تحميل الاحتلال مسؤولياته عن السكان تحت الاحتلال بموجب القانون الدولي، ولا بحسب دعوات الفصائل التي ترى أن اتفاق أوسلو (١+٢) كلاهما كارثة وطنية يجب التحلل منهما، لا سيما بعد أن فرغهما الاحتلال من مضمونهما كما في الرؤية الفلسطينية لأهل التفاوض؟!
مما تقدم يمكن القول بالآتي:
١- لا حلّ للسلطة بالمفهوم الشعبي والفصائلي، ولا تحلل من اتفاق أوسلو واحد، وما يقوله عريقات وغيره عن تحميل الاحتلال المسؤولية عن السكان في حالة الضم، هو قول إعلامي، لا يوجد عليه توافق في اللجنة التنفيذية.
٢- يبدو أن دولة نتنياهو تشعر بارتياح لموقف فتح واللجنة التنفيذية، حيث ستحافظ المنظمة وفتح على بقاء السلطة، حتى مع ضم أجزاء من الضفة.
٣- لا يبدو أن هناك شجاعة في اللجنة التنفيذية لتحمل أعباء وتداعيات قرار حلّ السلطة، بحسب رؤية الأغلبية الشعبية.
٤- يبدو أن المصالح الشخصية المخبأة في عباءة المصالح الوطنية هي صاحبة القرار النهائي في مناقشات اللجنة التنفيذية.
في ضوء ما تقدم نؤكد مرة أخرى أن مشكلتنا في مواجهة قرار الضم بشكل فاعل هي مشكلة داخلية، قبل أن تكون عربية، أو دولية؟! وأن قضية حلّ السلطة والخروج من أوسلو واحد واثنين هي قضية وطنية تصحح الخطأ الذي أسس لهذه الحالة العرجاء، ولكن البعد الوطني فيها يصطدم بالمصالح الشخصية للفئة المتنفذة المستفيدة من الواقع القائم؟!