رغم التأجيل "المؤقت" لإعلان خطة الضم الإسرائيلية، لكن القراءات الإسرائيلية بقيت على حالها من طرح جملة من السيناريوهات والتقديرات إزاء انعكاسات تطبيق الخطة على العلاقة مع السلطة الفلسطينية، لاسيما إمكانية حلها بعد خطة الضم، هل (إسرائيل) قلقة، أم غير مهتمة، أم مرحبة بهذه الخطوة؟ وهل السلطة جادة بهذا التهديد، أم تحاول الضغط على (إسرائيل)؟ وما مدى توفر إجماع داخل القيادة الفلسطينية على الخطوة أم أنّ هناك انقسامًا حولها؟
في الوقت ذاته، واصل مسؤولون إسرائيليون قراءاتهم وتوقعاتهم لتداعيات خطة الضم، وما قد تلقيه من آثار متعددة، وتحديدًا على المستوى الأمني، فضلًا عن تداعياتها، وإمكانية أن تؤدي لانهيار السلطة، وبالتالي عودة حماس للضفة الغربية.
في هذه الأثناء، ظهر موقفان إسرائيليان متضاربان إزاء مستقبل السلطة الفلسطينية، فالقائد السابق للمنطقة الوسطى بجيش الاحتلال غادي شمني، كشف أنّ "سير (إسرائيل) نحو خطوات أحادية أمام الفلسطينيين، سيقوض الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة، وصولا لانهيار السلطة، لأنَّ من يقودون الخط السياسي بـ(إسرائيل) يعتقدون أنه لا ينبغي أن يكون هناك دولة فلسطينية، وأن الحل يتمثل في الأردن".
أما الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، فاعتبر أن "السلطة لن تسلّم مفاتيحها بسرعة لـ(إسرائيل)، ولن تتخلّى عن امتيازات بمليارات اليوروهات، ولكن إذا حدث ذلك، فسيقع عند مغادرة أبو مازن، مع أنه ينطوي على تكاليف اقتصادية باهظة، فـ(إسرائيل) ستتحمل مسؤولية إدارة شؤون ملايين الفلسطينيين".
هذه الاستخلاصات الإسرائيلية تجاه مستقبل السلطة، تؤكد أنَّ من يقودون مخطط الضم، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، لا يفهمون عواقب مخططاتهم على المدى الطويل، في حين يعقد الجيش وأجهزته الأمنية سلسلة منجهزته الأ الاجتماعات الأمنية المكثفة والاستعدادات الماراثونية، بهدف التحضير لسيناريوهات المواجهة مع الفلسطينيين.
الإسرائيليون، وتحديدًا صناع القرار منهم، لا يدركون أنهم يضعون أنفسهم في وضع لا رجعة فيه أمام الفلسطينيين، ومن شأن ذلك أن يقوّض استقرار الساحة الفلسطينية إلى حدٍّ كبير، سواء بانهيار السلطة أم بعودة العمليات المسلحة، وصولًا لاندلاع انتفاضة شعبية ثالثة.
هذا الوضع يعني التفكك التدريجي للسلطة بشكل سريع، وهو سيناريو الفوضى العارمة بالضفة، وسيؤدي هذا التطور السياسي والأمني والميداني لسيطرة حماس على الضفة، وهو آخر ما تتمناه (إسرائيل)، وفي هذه الحالة سيضطر الجيش الإسرائيلي للسيطرة الكاملة على جميع مناطقها، لمنع إفساح المجال أمام حماس لتطبيق برنامجها.
في الوقت ذاته، تتزامن المخاوف الإسرائيلية من انهيار السلطة بسبب نتائج خطة الضم، مع تبعات مواجهتها لوباء كورونا، فالتحذيرات الإسرائيلية تذهب باتجاه أن سياسة الإغلاق التي تفرضها السلطة على مناطقها خشية من تفشي الوباء، قد تؤدي في النهاية لانهيار المنظومة الاقتصادية، مع أن الانفتاح الاقتصادي الذي عاشته المناطق الفلسطينية في السنوات الأخيرة قد ينتهي بتراجع مريع تدريجي.