ساعات قليلة تفصلنا عن الأول من يوليو، الموعد الإسرائيلي المحدد لإعلان خطة الضم، وبغض النظر عن تنفيذها أو إرجائها، فإن اقتراب العد التنازلي لهذا التاريخ يفرض إجراء عملية "محاكاة" لما سيحصل في اليوم التالي لتنفيذها، للكشف عن آثارها، مع أن كثيرا منها غامضة، وأخرى ستجلب على (إسرائيل) أثمانا اقتصادية وأمنية، قد لا تقدر على الإيفاء بها.
التقييم الإسرائيلي في هذه "المحاكاة" المفترضة يشير إلى أن معارضة السلطة الفلسطينية لخطة الضم لن تكون "عنيفة"، ولن تستخدم السلاح، وستقتصر على طلب عقد قمة طارئة للجامعة العربية، ومجلس الأمن، والطلب من المحكمة الجنائية الدولية تقديم لوائح اتهام محددة ضد كبار المسئولين الإسرائيليين.
هذا التقدير الإسرائيلي يأخذ بعين الاعتبار القناعة الفلسطينية بأن الضم سيلغي خيار التفاوض، وسيكون بالنسبة لهم نهاية الأمل، وفقدان هدف إقامة الدولة الفلسطينية، بكل ما ينطوي عليه من مخاطر، وسيحاول عباس الذهاب لحملة تجلب اعترافا دوليا بدولة فلسطينية، لكن ردود الفعل الفلسطينية قد تبدأ بالمظاهرات الشعبية، وصولا للانزلاق للعمليات المسلحة المنظمة، وبينهما قد تقع الكثير من الهجمات الفردية.
أما عند الحديث عن الأردن، فتبدي (إسرائيل) ارتياحها لرسائل الولايات المتحدة التي تصل المملكة، ومفادها أنها بحاجة لمساعداتها، مما قد يحد من معارضة الخطة، ويعني أن الأردن لن يلغي اتفاق السلام، لأنه يعتمد على المياه الإسرائيلية، لكنه سيقلل التعاون إلى حد كبير، فيما ستحافظ (إسرائيل) على اتفاقية السلام معه، وتبدي اعترافا بدوره الخاص في الحرم القدسي.
مصر من جهتها، وفق المحاكاة الإسرائيلية، سترد على خطة الضم بضبط النفس، فلديها مشاكل ملحة أخرى، شرقا في سيناء، وغربا في ليبيا، وجنوبا مع أثيوبيا، لكن إسرائيل ستواصل مساعدتها لمواجهة هذه التهديدات، وتعمل في واشنطن من أجل تفهم أكبر لاحتياجاتها الأمنية.
كل ذلك يتطلب أن يستعد الجيش وجهاز الأمن العام- الشاباك للسيناريو الأسوأ ضد الفلسطينيين، و(إسرائيل) قبل الموافقة على قرار الضم وإعلانه، ستطلب منهما أن يكونوا مستعدين للتعامل مع أي رد فعل عنيف، رغم أن التقديرات السائدة بأن السلطة الفلسطينية لن تنهار بعد تطبيق خطة الضم، ويرجع ذلك جزئيا لكونها نظاما اقتصاديا يدعم عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
المحاكاة الإسرائيلية في حديثها عن ردود الفعل المتوقعة على خطة الضم، تسعى لترويج فرضية مفادها أن هذه الردود لن تختلف كثيرا عما حصل تجاه خطوات أحادية سابقة، كنقل السفارة الأمريكية للقدس، تحدث الإسرائيليون حينها عن تسونامي سياسي، لكن المطر حتى لم يسقط، صحيح أنه يصعب اليوم تقدير ما سيكون عليه الرد، لكن الضم بالتأكيد لن يمر دون ردود، بغض النظر عن حجمها وعمقها!