المعلومات المتوفرة حتى كتابة هذه السطور حول مفاوضات صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل ما زالت شحيحة، مع وجود مقترحات غير رسمية، يصعب الكشف عنها لعدم التأكد منها، لكن حصول بعضها على أرض الواقع، سيجعل الإسرائيليين أمام مفاجأة ثقيلة العيار، ويشكل صدمة للرأي العام الإسرائيلي الذي اشترى "بضاعة" حكومته طوال السنوات الماضية، وفي الوقت ذاته يمنح حماس مصداقية أمام الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي.
أي كشف جديد من حماس لمعلومة جديدة قد يستدعي من إسرائيل دفع ثمن باهظ، يتعلق بإطلاق سراح أسرى، أو تقديم أثمان كبيرة للحركة قد تشمل إجراءات لتخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.
اكتسبت حماس خلال مفاوضاتها في صفقة التبادل السابقة، خبرة بطرق التفاوض الإسرائيلية، ولا يستبعد أن تلجأ لخيارات جديدة لإيصال رسائلها عبر الوسطاء بشأن مطالبها، فلا تسمح لإسرائيل بالمراوغة، مع أنها معنية بإظهار معلومة جديدة حول أوضاع الجنود الأسرى لديها، بما قد يضع إسرائيل تحت الضغط الشعبي.
عند الحديث عن عوامل نجاح أو فشل الصفقة الموعودة، تبرز أمامنا عوامل فلسطينية وإسرائيلية، فحماس طالما وعدت الأسرى الفلسطينيين بتبيض السجون الإسرائيلية، لا سيما من أصحاب المحكوميات العالية، وما دام أن هذا مطلب تراه إسرائيل تعجيزيًا، فإننا أمام مواقف متباعدة بينهما، ما يعني أن وقتا طويلا بانتظارهما لإبرام الصفقة.
في المقابل، تظهر الرغبة الإسرائيلية بطي صفحة هذا الجرح النازف المتعلق ببقاء أسراها لدى حماس، تتجاوز أي إشكاليات متوقعة، بحيث تدفع إسرائيل لاجتياز المخاطر الناجمة عنها، في سبيل إعادتهم، ولعل انشغال الإسرائيليين بكورونا يجعلهم لا يلقون بالا لهذه الصفقة مع حماس، والأثمان الإسرائيلية المدفوعة لها، ما يمنح الحكومة والجيش أريحية للموافقة عليها.
إن تبادل المبادرات بين حماس وإسرائيل حول صفقة التبادل، يؤكد ضرورة إبقاء الملف حيًا لديهما، حتى لو بدأ بالجانب الإنساني، الذي قد يستفيد منه الفلسطينيون، بعيدا عن صيغة "إما كل شيء وإما لا شيء".
في المقابل، فإن مواصلة إسرائيل إنكار أن لدى حماس جنودًا أحياء لم يجد نفعًا في إبقاء هذا الملف مدرجًا على أجندة النقاش الإسرائيلي، ما جعلها تهدر خمس سنوات من المفاوضات فور أسرهم لدى حماس، لأنها اليوم بتجاوبها مع مبادرة حماس تعود لذات النقطة التي كان يفترض أن تبدأ فيها أولى خطوات الصفقة.
حتى الآن، لا يعلم أحد مآلات مفاوضات الصفقة، بين النجاح والفشل، لكن الواضح أن عوامل إنجازها أكثر من كوابح إخفاقها، فحماس وإسرائيل معنيتان بإغلاق هذا الملف، كل لأسبابه الخاصة، رغم تباعد مواقفهما، خاصة فيما يتعلق بأعداد ونوعيات الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، لكن المفاوضات قد تنجح في إحداث اختراق جدي بين الجانبين.