فلسطين أون لاين

الأدب رسالة ومبدأ

نساء مؤثرات.. "الشاعرة أمينة قطب"

يستطيع الأدب والإبداع أن يكونا رسالة يحملها الأديب والمبدع، يوجهها لهدفٍ سامٍ، بأن يجعلها ترتكز على قيم ومبادئ ينطلق منها.. ويستطيع في الوقت ذاته أن يكونا سلَّماً يتسلقه الأديب والمبدع ليصل إلى الثراء والشهرة. وخير مثال على النوع الأول من المبدعين شاعرتنا المصرية أمينة قطب.. الأديبة المجاهدة التي يتأصل حب الدعوة والجهاد عميقاً في نفسها.

شبَّت أمينة تتذوق الأدب الرفيع الراقي، شغفت منذ صغرها بقراءة الأدب وحفظ الشعر، حتى كانت تعطيه الأولوية على دروسها، وكان وجود أخيها سيد قطب إلى جانبها يغذي شغفها بالشعر والأدب، ويوجهها في نظمها الشعر، وكتابتها القصص والمقالات، بعد أن رأى من خبرته أنها قادرة على مواصلة السير فيه، فرعاها خير رعاية ليخرج منها أديبة ملتزمة مصبوغة بصبغة الإيمان، يضبط تصوراتها وأحاسيسها ومشاعرها لتكون بعيدة عن تصورات الجاهلية واتجاهاتها في التعبير شعراً ونثراً.. كان يُعدُّها للمرحلة الصعبة التي تراءت له بفراسته واستقرائه لما يجري من أحداث، ولم يتوقف عن أداء هذا الدور حتى في أحلك الظروف خلال احتجازه في السجن يعاني القهر والظلم قبل أن يرتقي شهيداً على مشنقة الظلام.

من أعمال أمينة: في الطريق، والأطياف الأربعة التي أنجزتها مع إخوتها (سيد، ومحمد، وحميدة قطب)، وكانت تنشر كتاباتها بشكل دوري في مجلَّات أدبية تصدر في القاهرة قبل أن تتعرض الحركة الإسلامية في مصر للابتلاء ومحاولات الطمس.

المحن والابتلاءات وما يرافقها من ألم هي ما تصقل النفوس، وتُظهر نقاء معدنها الأصلي.. تعرضت أمينة للعديد من الابتلاءات؛ فقدان الأخ، وفقدان الزوج، وغيرهما. وافقت أمينة على الارتباط بالمعتقل كمال السنانيري خلال قضائه مدة محكوميته بالأشغال الشاقة المؤبدة برفقة شقيقها، برغم أنها كانت فتية تفيض شباباً وحيوية، سبع عشرة سنة تمضيها في الوفاء والكفاح، تنتظر الزوج والحبيب قبل أن يعانق الحرية ويتم الزواج، وقد عرض عليها إمكانية الانفصال إن أرادت ولكنها ردت بقولها: لقد اخترت أملاً أرتقبه، طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم.

ولم يتوقف عن الجهاد الذي نذر نفسه له، فأعيد إلى السجن، وما لبثت وفقدته شهيداً تحت سياط السجان وجبروته في سجون الظلم..

أخذت أمينة تبث في الشعر آلامها ومشاعرها، فتخرج كلماتها صادقة باكية مفعمة بأمل اللقاء والفرج...

هل تُرانا نلتقي أم أنها *** كانت اللقيا على أرض السراب

ثم ولت وتلاشى ظلها *** واستحالت ذكريات للعذاب

أيها الراحل عُذراً في شكاتي *** فإلى طيفك أنات عتاب

غير أني سوف أمضي مثلما *** كنت تلقاني في وجه الصعاب