ينظر الفلسطينيون إلى إعلان تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بمكوناتها الحالية بصفته تأكيدا على أن الرهانات على عملية سلام في المنطقة مع إسرائيل رهان خاسر، وتسويق للوهم، فإن الحركة تعد أن الفلسطينيين يواجهون من الآن فصاعدا حكومة احتلال وضم وتهويد تنتهج التمييز العنصري، وتخطط لتنفيذ تطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني، عبر اتفاق نتنياهو وغانتس على إبقاء "قانون القومية"، الذي يكرس منظومة الأبارتهايد العنصرية الإسرائيلية الأسوأ ضد كل الفلسطينيين، بمن فيهم المقيمون داخل أراضي 1948 والشتات.
إن الاتفاق الحكومي الائتلافي بين نتنياهو "الفاسد والمرتشي" وغانتس "سارق الأصوات" تعبير عن توافق بين شخصين "انتهازيين مخادعين" ينشغلان بتوزيع الغنائم السياسية، أما المواضيع الجوهرية والأزمة الاقتصادية ومكافحة كورونا وحتى العلاقات الخارجية؛ ومستقبل الصراع مع الفلسطينيين، فلم تحتل الحيز المطلوب لها، رغم أن اتفاقهما حول ضم الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، يعد "لغماً" أدخله نتنياهو إلى الاتفاق، مع أن توقيت الضم ومجاله، سيتحددان حسب مصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وليس ضمن نقاشات الليكود وأزرق- أبيض.
لعل إحدى النقاط الحساسة، إن لم تكن الأكثر حساسية في الاتفاق الائتلافي الإسرائيلي، تتعلق بإقرار ضم الضفة الغربية المحتلة ومناطق غور الأردن، وبسط السيادة الإسرائيلية عليهما، وفي حين يحتفل حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو بهذا البند، ويعده قرارا تاريخيا سينفذ بتوافق وتنسيق مع الإدارة الأمريكية، فإن حزب أزرق-أبيض يشترط موافقته على هذا القرار أن يمنع اندلاع أزمة سياسية قاسية مع الأردن، وهذا يعني أن الاثنين اتفقا على أن يتم فرض السيادة في الضفة الغربية من خلال اتفاق مع الولايات المتحدة، ونقاش مع المجتمع الدولي، ومن أجل الحيلولة دون نشوب أزمة مع الأردن.
لكن المستوطنين الإسرائيليين رأوا في التوقيع بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق نتنياهو- غانتس إعلانا واضحا على أن "المعركة على الضم وفرض السيادة على الضفة الغربية بدأت لتوها"، بزعم أن ذلك يأتي بغرض الحفاظ على المصالح الأمنية والإستراتيجية لإسرائيل، زاعمين أن لديهم اليوم بعد تشكيل الحكومة الجديدة فرصة تاريخية لتأمين مستقبل الوجود الاستيطاني وفرض السيادة، متوقعين فرض القانون الإسرائيلي وإعلان السيادة من خلال حكومة موحدة وقوية، تواصل السياسات الحكومية لتطوير التجمعات الاستيطانية اليهودية.
هذا الترحيب الإسرائيلي بإعلان تشكيل الحكومة الجديدة لا يلغي وجود أصوات إسرائيلية أخرى رأت أن غانتس خان ناخبيه، ومنح ضوءا أخضر للشروع بعملية الضم، ما يجعلنا أمام سياسي غير مستقر، يفتقر للمسؤولية القومية، وفور دخوله هذه الحكومة، فقد ارتضى أن يكون تحت عباءة اليمين المتطرف، ويحمل على عاتقيه كارثة الضم، والمخاطرة بمستقبل الإسرائيليين.