في الوقت الذي أصيب فيه سلم الأولويات الإسرائيلية بعد ظهور أزمة كورونا بالتشويش الكبير، فإن عددا من زعمائهم السياسيين يسعون لاتخاذ قرارات مصيرية، ربما لا تقوى (إسرائيل) على مواجهة تبعاتها، ومنها ضم أجزاء من الضفة الغربية، رغم أن ذلك سيشكل خطرا على الإسرائيليين، على الأقل وفق قناعات أوساط عسكرية عديدة لديهم.
إن رغبة أي حكومة قادمة بتنفيذ أجندتها السياسية، يتطلب منها أن تبدي المزيد من المسئولية، لأن الحكومة التي قد ترى النور قريبا، ستجد نفسها أمام تحديين اثنين: أولهما فيروس كورونا، وثانيهما ضم الضفة الغربية.
هذان التحديان يتطلبان معالجة فورية، وإلا فإن الإسرائيليين سيكونون أمام عودة لأيام العصور الوسطى، وفقا لتوصيف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مما يجعل من المجتمع الإسرائيلي مطالب برعاية المؤسسة الصحية التي تشهد دمارا هائلا، واقتصادا محطما، وميزانية مستنزفة، لكن الغريب أن ذلك لا يجعل السياسيين الإسرائيليين ينتظرون، وإنما يطالبون فورا بالضم، ودون انتظار.
ورغم تزايد التصريحات السياسية الإسرائيلية حول الضم، لكن أي خطوة ميدانية على الأرض لم تتخذ بعد، رغم أن مؤيدي الضم لا يلقون بالا لما قد يحدث في اليوم التالي لتحقيق رغباتهم، مع أن أسئلة عديدة ما زالت مطروحة ليس لها جواب حتى الآن.
من هذه التساؤلات: هل تهدد خطوات الضم اتفاقيات التسوية؟ وهل سيحصل تدهور أمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وهل سيتوقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية؟ وهل تضطر الجيش الإسرائيلي لتجنيد الاحتياط في صفوفه؟ وهل تعود الإدارة المدنية الإسرائيلية للتحكم بمصير ملايين الفلسطينيين؟ وما مصير الاتفاقات معهم؟
أكثر من ذلك: هل سيكون لخطوة الضم تأثير على قرارات قادمة لمحكمة الجنايات الدولية التي تبحث هذه الأيام شكاوى بانتهاك إسرائيل للقانون الدولي، وبشكل عام كيف ستكون ردود الفعل الدولية؟ وكم سيكلف ذلك دولة الاحتلال؟ كل هذه أسئلة مصيرية، لكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار.
مع العلم أن العديد من الجنرالات الإسرائيليين يعتقدون أن نتائج أي عملية ضم، كلية أو جزئية، سوف تستجلب ردود فعل لن تقوى إسرائيل على مواجهتها، أو التعاطي معها، لأن أضرار الضم ستكون مثل أحجار الدومينو، التي ستشكل خطورة على أمن الدولة، واقتصادها، وعلاقتها مع جيرانها من الدول العربية.
إن عدم استماع صناع القرار في (إسرائيل) لتوصيات أصحاب الخبرة في التبعات المتوقعة على خطوة الضم، يشكل فقدانا للمسئولية، مع أن هؤلاء الخبراء يتحدثون أن إعادة السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين سيكلف الموازنة الإسرائيلية قرابة 52 مليار شيكل، كل ذلك بسبب مغامرات الضم، في حين تعاني ميزانيتها من الاستنزاف في مواجهة وباء كورونا!