تَتوالى الأخبارُ وتَنشَط حولَ صفقةِ تَحريرِ الأسرى الفلسطينيينَ والعرب من مُعتقلاتِ الاحتلالِ الإسرائيلي لا سيَّما في ظِلِ إدراكِ المُقاومةِ ومُفاوضِيها لأفضَل الأساليبِ في التَعاملِ مع الاحتلال - لُغّةً واصطلاحاً - وتوقيتاً وزَماناً .
جَائحةُ الكُورونا مَا زَالت تَنهَشُ في جَسدِ الاحتلال وفَيروسها لا زَالَ يَسري في جَسده المُتَقبِل للفَيرَسة والذي يُلاقِى القَبولَ والتِرحابَ الجَسدي للاحتِضَان.
في تلكَ البِيئَة الخصبَة التي يتنمرُ فيها الفَتكُ ، والغَدرُ، والتَطَفُل واستِيطان أرض الغَيرِ، وسلب حُقوقِ الآخر.
الإشكالاتُ السِياسِيّة والاجتماعِية تَتعمقُ كَثيراً وتَستعرُ في المُعسكراتِ الصَهيونيّةِ سَواء ما يُعرف بالمتُدينِين أو العِلمانِيين، فَكِلا المُعسكرين لا يثقُ بالآخر، ويَقتاتُ عليه ، كاقتِياتِ الفيروسِ على الأنسجةِ الرئويةِ في جِسمِ الإنسان.
رُبّما هذا يحتاجُ لتحليلٍ علمي من المُختَصين فيما إذا كانت أنسجةُ - الطُغاةِ والمُحتلين والمُغتصبين - وطبيعتها الرئوية تُشكلُ بيئةً صَالحةً للعيشِ والاستيطان فيها، فهذا مَرجعهُ العلمي لَهم وَحدهُم للتقريرِ بشأنهِ.
المقاومةُ ومُفاوضوها ليسَ غَريباً عليهم هذه البيئة : السياسيّة والاجتماعيّة والنفسياتِ والإشكالاتِ والصِراعاتِ الدَاخليّة لدى الاحتلال، وحُسنُ استثمارِهَا في انتزاعِ الحقِّ الفِلَسطينيّ انتزاعاً ، كَونَها تُتقِنُ فَنَ الانتزاعِ في هذه الأوقاتِ وغَيرها وتُحسنُ توظيفِها ، ولها سَبقُ تَجربةٍ ودِرايةٍ فيها.
بطبيعةِ الحال تعرفُ المقاومةُ جيداً أخلاقَ الاحتلال ونشأتهُ الاستيطانيةِ ، ووظيفتُه الأمنية في الشرقِ الأوسط عُموماً، وعلى أرض فِلَسطين خُصوصاً، وهي تُمثلُ رأسَ الحَربةِ في المواجهة مع الاحتلال، ووجوده ومُشاغلته وإزعاجه ، وإيذائه وإيلامه وإيجاعه وإقعاده أو تبريخِه !!!.
قطعاً في تَقديري أن المقاومة لم ولن تفرطَ بمصداقيتها في تحريرِ الأسرى إلا بعدَ إطلاقِ سراح الأسرى الذين أُعيد اعتقالهم كونها خيانة من الاحتلال في الوفاءِ بصفقةِ شاليط، وظنه أنُّه يتمتعُ بالحمايةِ والحَصانة من المساءلةِ والمُلاحقةِ من المقاومة مستحضرةً وأنّه سيأتي اليوم ويقع حَبّه في الطاحونة ، وإن تأخرت بعضاً من الوقت.
ثقتنا في اللِه كبيرة ، وأن الله قد جعلَ لكلِ شيءٍ سببا "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ " [المدثر: 31].
وقد تكونُ الكورونا أحدُ تجلياتها وأسبابها، مع أزمته الاجتماعية والأزمات السياسيّة الأخرى التي تَعصفُ بكيانَه الهَش والمُصطنع.
رُبَّما يتقاطعُ الفهمُ المشترك بين المقاومةِ والاحتلال ويدركان معاً أن قوةَ الاحتلال هي بحبل من الناس وليس بحبلِ الله المتين ، وقد انقطعَ حبلُ الناسِ الآن، وانشغلوا بأنفسهم ، ولم يعُودوا يَقُوون على مُواجهةِ فيروس كورونا، وانكشف عَجزُهم وضَعفهُم ، فَتَعرى الاحتلال ، وعَاجَلَ بالاتصالِ بحبلِ الناسِ، وبالوسطاءِ لِعقدِ صفقةِ الوفاءِ مع المقاومةِ للأسرى والمُعتقلين .
تقديري ورُبَّما هؤلاءِ الرجالُ الذينَ تأخروا في الأسر، ورفضَ الاحتلال الإفراجَ عنهم في الصفقةِ الأولى لهم عند اللهِ شأنٌ عظيم وكرامةٌ ما ، وأرادَ اللهُ عَزَّ وجَل لهم العِزَّ والفَخار ، وأن يصطنعَهم لِنفسه، وأن يُعِدَّهُم لِقدَرٍ ما، فادَّخرَ لهم ذَلك لِحينٍ معلوم !!! وسيسهلُ لخروجهم كُلَ صَعبٍ وعَسير بِعزِّ عزيزٍ أو بِذل ذليل، ليبقي قَدرهم وشأنهم عاليا .
العلاماتُ على الانفراجِ لملفِ الأسرى تتكاثرُ وتَتعاظمُ بتعاظمِ التحدِياتِ والإشكالاتِ الدَاخليّة لدى الاحتلال ، لِتُعجلَ بالفَرجِ القريبِ والبيهجِ المَهيب للأسرى والمُعتقلين.