كشفت أزمة كورونا العديد من جوانب الإخفاق والفشل التي تعيشها إسرائيل، دون أن تلفت الأنظار سنوات طويلة، في ظل أنها الدولة صاحبة شعار "كل شيء على ما يرام"، لكنها اليوم أمام هذا الوباء اصطدمت وشعارها بجدار الواقع على الأرض، مما يرجح فرضية أن الإسرائيليين يعتبرون الارتجال أفضل من أي شيء.
من هذه المؤشرات فإن إسرائيل باتت من دول العالم الثالث، توفر حياة كريمة لنصف أطفالها فقط، وغير قادرة على التغلب على أوجه القصور التعليمية، بنت المستشفيات، وأضافت أعداد الأسرة بمعدلات مذهلة بعقودها الأولى، لكنها في العقود الماضية ضلت طريقها، وتراجع عدد الأسرة للفرد الواحد، وانخفض إلى قاع العالم المتقدم.
كما أن عدد الممرضين والممرضات العاملين في إسرائيل اليوم بات من أدنى المعدلات في الغرب، وعند النظر للمستقبل فإن عدد خريجي التمريض للفرد فيها يقترب من قاع البلدان المتقدمة، وعندما يفيض الاكتظاظ في المستشفيات، والإعلان عن نقص في المعدات والطاقم الطبي، فإن لهذا عواقب.
كما تشهد إسرائيل تضاعفًا في عدد الوفيات بسبب الأمراض المعدية نسبة لحجم السكان في العقدين الماضيين، حتى أن هذه القفزة غير العادية في النطاق وضعت معدل الوفيات من الأمراض المعدية فيها في مقدمة دول الغرب، قبل الوباء الحالي.
داخليًّا، فإن اليهود الحريديم يضطر معظمهم للتسرب من المدارس والجامعات، لأن الإعداد التعليمي الذي تلقوه بمدارسهم هو الأسوأ في الغرب، في حين أن إسرائيل تسمح لهم بمعدل ولادة 7.1 أطفال في الأسرة الواحدة، مقارنة بمتوسط وطني يبلغ 3.1، مما سيعرض مستقبل الإسرائيليين للخطر عندما يكون نصف أطفالهم في غضون جيلين فقط غير قادرين على أن يصبحوا أطباء ومهندسين ومعماريين وفيزيائيين.
إسرائيل كيان محتل يتزاحم فيه وزير القضاء مع رئيس الكنيست الذي انتهك أمر المحكمة العليا, ومع رئيس الوزراء، الذي ينتقد سيادة القانون، ويشيطن خصومه، ويقود الحكومة وهو مدعى عليه بالرشوة والاحتيال وخيانة الثقة، ويحاول السيطرة على وسائل الإعلام.
إسرائيل التي قادها مؤسسوها الأوائل نصف قرن إلى النهر الجليدي، ربما يقرر أطفالها في المستقبل التخلي عنها، لأنه في عام 2014، غادرها 2.8 كل أكاديمي إسرائيلي عاد إليها، وفي عقد واحد فقط، قفزت نسبة الأطباء الإسرائيليين في الخارج إلى عددهم في الدولة بنسبة 50٪.
كل ما تقدم يحصل وجماعة شعار "كل شيء على ما يرام" في إسرائيل سيسمحون لأجيال جديدة من القادة السياسيين بإشعال النار، وتعريض مستقبل الوطن اليهودي للخطر، هناك ديماغوغيا وأوهام في جميع المعسكرات السياسية، والحكم المدمر للذات، رغم أن إسرائيل دأبت في السنوات الأخيرة على اختيار قيادة لن تبقيها دولة للشعب اليهودي.