تتوالى الاعترافات الإسرائيلية من مسؤولين كبار في دولة الاحتلال بوجود سلسلة تحريضات متنامية ضد العرب الفلسطينيين في (إسرائيل)، تنم عن توجهات عنصرية تافهة ضد نصف مليون عربي فلسطيني، لديهم ممثلون في الكنيست.
تأخذ التحريضات الإسرائيلية ضد فلسطيني 48 أبعادا رسمية بصدورها عن أعضاء الكنيست والوزراء الذين يعدون أصحاب الأرض الأصليين تهديدا لأمن (إسرائيل)، وهي اتهامات تعبّر عن عنصرية فجة، لأن الأوصاف التي يتم إطلاقها على أعضاء الكنيست العرب هي مساعٍ جدية لنزع الشرعية البرلمانية عنهم، وتحويلهم لشخصيات غير قانونية.
إن ما يحصل ضد العرب الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة، وممثليهم في الكنيست في الآونة الأخيرة إنما هو انتهاك لحقوقهم، فضلا عن كونه مخالفة لرأي لجنة الانتخابات المركزية التي لم تصدر قرارا بحرمانهم من تأدية واجبهم القانوني، أو المحكمة العليا التي لم ترَ أنهم غير مؤهلين لأن يكونوا أعضاء في البرلمان، وبالتالي فليس من حق أي كتلة سياسية أو حزبية أن تواصل التحريض ضدهم.
إن أي محاولة إسرائيلية لحرمان ستمائة ألف عربي من حقوقهم المدنية والسياسية لا يقل عن موجة التحريض على مدار ساعات اليوم ضد جمهور كبير يعيش في (إسرائيل)، وتتزامن هذه التحريضات الإسرائيلية ضد المواطنين العرب في (إسرائيل) مع دعوات نقل المثلث والجليل إلى سيطرة السلطة الفلسطينية في المستقبل انسجاما مع صفقة القرن.
إن هذه الاتهامات الإسرائيلية ضد العرب تنم عن عنصرية مقيتة، بل قد تمس بأمن دولة الاحتلال ذاتها، لأن العرب الفلسطينيين يشكلون خمس مواطنيها، ما يطرح السؤال: كيف سترد (إسرائيل) على دولة أخرى إن تعاملت مع اليهود فيها بنفس منطق تعاملها اليوم مع العرب الفلسطينيين، الذين تتهمهم بالعداء والتعاطف مع أعداء الدولة؟
تزداد خطورة الاتهامات الإسرائيلية الموجهة لفلسطينيي 48 مع تنامي حالة العداء المتبادل بين اليهود أنفسهم، على خلفية الأزمة السياسية المستفحلة في الكيان، بين الليكود وأزرق-أبيض، وإمكانية تحميل العرب مسؤولية اندلاع حرب أهلية بين اليهود، وفي هذه الحالة ستبلغ الكراهية والتحريض ضدهم ذروتها.
نتنياهو شخصيا يسعى بصورة متعمدة لتوسيع رقعة نزع الشرعية عن كل صوت انتخابي عربي، لأن من وجهة نظره فإن هذا الصوت العربي ليس بمؤتمن على دولة اليهود، ولذلك فهو يعد أن إلغاء مفعول الصوت العربي مهمة حياته الأساسية، ولو تخللها التحريض ضدهم، ومعه شركاؤه في الليكود واليمين، ولذلك يتضح اليوم أن أساس الحملة الانتخابية التي اعتمدها الليكود قامت على كراهية الآخر.
لقد حول نتنياهو الجمهور العربي مصدرا أساسيا للكراهية والابتزاز والملاحقة من أنصاره ومؤيديه، مع أن الكراهية التي تبثها الأغلبية اليهودية تجاه الأقلية العربية تتسبب تلقائيا بإنكار وجودهم، واستنكار كل من يتحالف معهم، رغم أن إشاعة مثل هذه الأجواء من الكراهية تسببت بملاحقة اليهود أنفسهم.