من الواضح أن التهديدات الإسرائيلية ضد حماس لم تتوقف، ونفذتها بحروبها الثلاث على غزة في 2008، 2012، 2014، ولعل الحركة لا تنفي تحقيق (إسرائيل) لتهديداتها، صحيح أنها لن تكون سهلة على الجانبين، لكن تنفيذها احتمال قائم، ولا أظنه سقط من سلم اهتمامها، فالتهديدات حاضرة على طاولة صناع القرار في حماس، وهي تأخذ الاحتياطات الأمنية لتفادي أي ضربة غادرة من (إسرائيل)، رغم استمرارها بالضغط عليها لتخفيف حصار غزة.
مع العلم أن أي عملية عسكرية إسرائيلية واسعة بغزة قد تسفر عن خسائر بشرية لا يحتملها الإسرائيليون، ويكمن التحدي أمام (إسرائيل) عقب العملية فيمن سيتولى إدارة غزة إن تمت الإطاحة بحماس، كما أن غزة ليست تهديدا ملحاً على (إسرائيل)، ويمكنها تأجيل التعامل معها أعواما أخرى، لكن العملية المفاجئة ضد حماس قد تكمن بتنفيذ عمل استخباري، رغم أن تحرك القوات الإسرائيلية فيها ليس متاحا، ورغم ذلك فإن تزايد هذه التهديدات تجعل حماس يقظة لإمكانية تنفيذها.
تتزامن هذه التهديدات الإسرائيلية ضد حماس في غزة مع نشر نتائج استطلاع إسرائيلي، حول تقييم السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، فقال 55% إنهم غير راضين عن سياسة نتنياهو، و38% غير راضين عن أداء وزير الحرب.
هناك رأي آخر يرى أن التهديدات الإسرائيلية ضد حماس جدية، بل قد يكون التخلص من سلاحها شرطا لتنفيذ صفقة القرن، ولترميم صورة (إسرائيل) الردعية المتضررة عقب كشف حماس للقوة الإسرائيلية الخاصة بخان يونس في نوفمبر 2018، وقتل قائدها.
واضح أننا أمام تحضيرات إسرائيلية لمواجهة قاسية ضد حماس، لا أحد منهما يعرف موعدها، مع أن تهديداتها بعملية عسكرية مفاجئة ضد الحركة، تفسح المجال للتفكير فيما ستقدم عليه، سواء كان هجوما جويا قويا، أو إطلاق قلاقل داخلية في غزة هدد بها وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان في أغسطس 2018.
لا نستبعد من سياق تحليل هذه التهديدات الإسرائيلية بربيع ساخن ضد حماس، وتنفيذ عملية مفاجئة غير مسبوقة ضدها، أنها مرتبطة بأجواء الانتخابات الإسرائيلية، ولا أحد يعلم إن كان الربيع الساخن سيكون الربيع الوشيك أم العام القادم، فقوة حماس العسكرية آخذة بالتنامي بصورة واضحة، بجانب عدم امتلاك (إسرائيل) إستراتيجية ناجحة للتعامل معها، ما يعيق تنفيذ العملية، لكن زيادة الضغط على حماس بغزة ستقرب لحظة الانفجار، رغم وجود فرضية متزايدة تتمثل بتوجه إسرائيلي إقليمي لإيجاد انقلاب داخلي بغزة ضد حماس باستغلال سوء الظروف المعيشية فيها.
يتوافق الفلسطينيون والإسرائيليون على سيناريوهات عملياتية بانتظار غزة، تدفع حماس لتكثيف عملها الاستخباري، وبسط السيطرة الميدانية، وتكثيف الدوريات الشرطية، تحسبا لأي ثغرة أمنية تستغلها (إسرائيل) للحظة الصفر، دون ضمان نجاحها بالإفلات من الضربة الإسرائيلية، أو نجاح الأخيرة للإيقاع بالحركة.