تنص الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة على: "أن الأشخاص ذوي الإعاقة ينبغي ضمان حقهم في التعليم الشامل على جميع المستويات، بغض النظر عن السن من دون تمييز، وعلى أساس تكافؤ الفرص".
وينبغي للدول الأطراف أن تضمن: "عدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي أو من التعليم الثانوي، وحصول البالغين ذوي الإعاقة على التعليم العالي والتدريب المهني، وتعليم الكبار، والتعلم مدى الحياة".
وتنص المادة (14) من قانون رقم (4) لسنة 1999م بشأن حقوق المعوقين على أنه: "على وزارتي التربية والتعليم العالي تأمين بيئة تتناسب واحتياجات المعوقين في المدارس والكليات والجامعات".
التسرب في أرقام
إن التسرب المدرسي للطلبة ذوي الإعاقة هو الانقطاع عن المدرسة قبل إتمامها لأي سبب، أو عدم الالتحاق بأي مدرسة أخرى، خاصة في المرحلة الأساسية من العملية التعليمية، فالتسرب المدرسي يزيد من معدل البطالة وانتشار الجهل والفقر وغير ذلك من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
ومن المعلوم أن الإعاقة تتنوع داخل المدارس العادية ما بين الإعاقات الحركية والإعاقات البصرية والإعاقات السمعية وصعوبات التعلم ومشاكل النطق واللغة وإعاقة داون سندروم، لكن الإعاقات الحركية التي تعاني صعوبة الوصول إلى الأماكن داخل المدرسة أو الطرق المؤدية إلى المدرسة، بسبب الأوضاع الاقتصادية؛ هي من أكثر الإعاقات تأثرًا بظاهرة التسرب المدرسي.
وإن العملية التعليمية للطلبة ذوي الإعاقة أساسًا من أسس الحياة والنجاة لهم في الظروف الصعبة التي يعيش فيها قطاع غزة، بفعل الحصار والاحتلال، فهي التي تبني شخصية ذوي الإعاقة وتحقق لهم الأمان.
وعن مستوى تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، يشير تقرير صادر عن الإغاثة الطبية الفلسطينية في حزيران (يونيو) 2019م إلى أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة المتعلمين من مستويات تعليمية مختلفة بلغت 47.78%، في حين بلغت نسبة الأميين منهم 41.53%, وكانت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين حُرموا التعليم بسبب شدة الإعاقة 10.69%.
إن ما سبق من أرقام يؤكد أن هناك عملية منع وتسرب من العملية التعليمية لها أسباب مختلفة ومتنوعة.
أسباب ودوافع
توضح قراءات المشهد الأولية أن من دوافع تسرب ذوي الإعاقة من مدارسهم قرارًا قد تتخذه أسرة ذوي الإعاقة، التي تتأثر بمفاهيم اجتماعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
لكن هناك العديد من الدوافع التي أدت إلى عملية التسرب المدرسي للطلبة ذوي الإعاقة، إذ لم يحظ هؤلاء بحقهم في الاستمرار في العملية التعليمية بالمدارس العادية في قطاع غزة، بل هناك المئات من الطلبة ذوي الإعاقة تركوا العملية التعليمية لعدة أسباب، منها: أسباب صحية، وأسباب اقتصادية، واجتماعية، وأسباب تعليمية، ما كان له الأثر الكبير في تراجع الطلبة ذوي الإعاقة عن الاستمرار بالعملية التعليمية.
أسباب اقتصادية ونفسية
ومن دوافع التسرب المدرسي للطلبة ذوي الإعاقة ما يتعلق بالوضع الاقتصادي الذي تعيشه أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن المؤشرات المهمة التي لا يد للطلبة ذوي الإعاقة بها ولا ذنب لهم، إذ أظهرت الأبحاث أن التسرب من المدارس تزداد نسبته عند أفراد العائلات الفقيرة.
لقد لعب الوضع الاقتصادي الأسري سببًا مباشرًا في انقطاع الطالب ذوي الإعاقة عن المدرسة، لاحتياجاته المتعددة والمختلفة، مع البطالة وقلة الموارد، ما أدى إلى ترك الطالب المدرسة من أجل توفير لقمة العيش، فأصبحت عملية التعليم ليست من ضمن الأولويات للأسرة، خاصة أنه من ذوي الإعاقة.
ومن ناحية أخرى أوضح تقرير صادر عن الإغاثة الطبية والجمعية الوطنية (يونيو 2019م) أن نسبة أسر الأشخاص ذوي الإعاقة التي تعاني وضعًا اقتصاديًّا سيئًا 53.7%, وبلغت نسبة ذوي الدخل المتوسط 37.8%، ونسبة ذوي الدخل الجيد 8.5%، ونسبة ذوي الدخل الجيد جدًّا 0.08%, ومن الملاحظ أن هذا العامل يلعب دورًا أساسيًّا في الحد من الوصول إلى العملية التعليمية بالدرجة الأولى، أو أحد العوامل التي تؤدي إلى عملية التسرب المدرسي.
أما الطالب ذو الإعاقة فخصائصه مختلفة وتركيبته النفسية مختلفة بما يمتلكه من استعدادات وقدرات وميول تجعله لا يتقبل العمل المدرسي ولا يقبل عليه، ونوعية الإعاقات والمشاكل الصحية النفسية والملازمة، وانعدام البيئة المناسبة للطلبة ذوي الإعاقة في المدرسة، وسخرية الطلاب في المدارس العادية منه، بالرغم من قدراته العقلية الكافية، وتدني قدرات الطلبة ذوي الإعاقة ودوافع التعلم، ما يؤدي إلى الإخفاق المستمر له والإحساس بالنقص الكبير.
عوامل مدرسية
في هذا المضمار يجب ألا ننسى أن ثمة عوامل أخرى تؤدي إلى التسرب المدرسي، نذكر منها العوامل المدرسية، وهي عوامل تعود لطبيعة الجو المدرسي والنظام القائم والظروف السائدة التي تحكم بين عناصر المجتمع المدرسي، فقد لا يلبي المنهاج الدراسي احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة واهتماماتهم، وعدم مراعاة ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، علاوة على عدم مراقبة الحضور المنتظم إلى المدارس، الذي يعطي الطلبة ذوي الإعاقة فرصة التغيب عن المدارس والدراسة مددًا طويلة دون اتخاذ إجراءات حازمة والتعامل معهم بمنظور مختلف عن الطلبة الآخرين، وخوف الطلبة ذوي الإعاقة من معلمين وأساليب معاملة تقوم أحيانًا بالعقاب العشوائي بأنواعه وزيادة العبء بالواجبات المدرسية وكثرة الامتحانات، ما جعل طلبة ذوي إعاقة يكرهون العملية التعليمية وعدم تقبلها لهم.