قد نجحت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى في استثمار ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من مارس آذار ذكرى يوم الأرض الخالد كموعد لانطلاق فعاليات مسيرة العودة وصولا للذكرى السنوية الـ 70 للنكبة وهو مناسبة مهمة وعامل رئيسي في التخطيط من أجل الحشد الجماهيري الواسع في المسيرات الكبرى التي يكون التحضير فيها بمشاركة مئات الآلاف في جميع ميادين المقاومة الشعبية.
وقد وجهت الهيئة العليا لمسيرة العودة كافة الطاقات الوطنية إلى ميادين المقاومة الشعبية الخمسة كمراكز ونقاط لإطلاق هذه المسيرات نحو الحدود في قطاع غزة عدا عن تجسيد الوحدة الوطنية في الميدان وفي المظاهرات وهو أمر في غاية الأهمية.
نعم لقد نجحت قيادة المسيرة في تعبئة وتوحيد الجماهير والناشطين والنقابات والقوى والفعاليات الشعبية والشبابية للمشاركة الفاعلة والواسعة في الاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات والتجمعات التي انطلقت في ميادين المقاومة الشعبية أو مخيمات العودة كما يطلق عليها حاليا.
وقد لفتت هذه المسيرات أنظار العالم والحركات الدولية ولا زالت التحركات تتفاعل بشكل متسارع وقبل الوصول الى ذروة مسيرة العودة الكبرى يوم الذكرى المئوية ال 70 للنكبة.
فقد أرست هذه المسيرة قواعد جديدة للمقاومة الشعبية في قطاع غزة، حيث بادرت الأطر الطلابية والشبابية "وهو عامل آخر يؤكد على تواصل الاجيال الثائرة المتمسكة بحقوق شعبها الفلسطيني عدا عن المشاركة الميدانية الواسعة لهذا الجيل من الشباب" بدراسة الواقع وبناء استراتيجية وطنية لضمان استمرار الانتفاضة الشعبية وقد بدأت الأطر الشبابية والطلابية التخطيط له لتفعيل المقاومة الشعبية في فلسطين وإيجاد الحلول للعقبات التي تواجه هذا الشكل من المقاومة حيث طرحت مبادرتها والمتمثلة بإنشاء ميادين المقاومة الشعبية كمراكز ونقاط مركزية لانطلاق تظاهرات ضخمة على الحدود الشمالية والشرقية للقطاع وقد كانت الخطة كالتالي:
أولا: إنشاء وتدشين ميادين للمقاومة الشعبية والجماهيرية قريبا من نقاط التماس على الحدود الشرقية والشمالية, بحيث تكون ملاذا آمنا للمتظاهرين باعتبارها ميادين تنطلق منها واليها الانشطة والمسيرات والفعاليات الوطنية.
ثانيا: استصلاح الطريق المؤدي الى نقاط التماس لتسهيل وصول سيارات الإسعاف لنجدة المصابين, وانشاء السواتر الرملية لحماية المتظاهرين من القناصة الإسرائيليين , وتشجير المنطقة للحد من القدرة البصرية لجنود الاحتلال.
ثالثا: إنشاء خيمة اعتصام دائمة على أطراف المنطقة العازلة.
رابعا: تزويد المنطقة بالمياه من خلال تمديد خط ناقل للمياه من اقرب بئر.
وأخيرا تزويد المنطقة بمياه الشرب من خلال توفير خزانات مياه كبيرة بلاستيكية, تمهيدا لبناء خزان مياه ضخم "حاووز".
إن المشاركة الجماهيرية الواسعة لمسيرات العودة ذكرتنا بالثورات الشعبية "الربيع العربي" في تونس ومصر حيث كانت المشاركة الضخمة بمئات الآلاف عاملا هاما في النجاح لمثل هذه الاحتجاجات.
فلا أحد ينكر أن قيادة مسيرات العودة وميادين المقاومة الشعبية استفادت من تراكم التجربة الفلسطينية وحتى العالمية في المقاومة الشعبية, حيث كان للمقاومة الشعبية الدور البارز والحاسم في المنعطفات التاريخية وللشعب الفلسطيني تجربة غنية يجب الاستفادة منها, حيث مارس الشعب الفلسطيني تاريخيًا كل أشكال النضال الشعبي والجماهيري ضد الاستعمار البريطاني والاحتلال الإسرائيلي, بدءاً من الإضراب العام الكبير عام 1936 وهو الإضراب الأطول في تاريخ البشرية الحديث, وهبة مارس التي أسقطت مشروع توطين اللاجئين في سيناء بقيادة معين بسيسو والذي يعتبر أحد رموز المقاومة الشعبية في فلسطين كشاعر تقدمي محرضا على التمرد في وجه الظلم وقائد جماهيري ميداني زاوج بين النظرية والتطبيق, حيث كانت القوى الامبريالية في تلك المرحلة تراهن (كما تراهن الان) على تصفية القضية الفلسطينية بعد احتلال الأرض في محاولة منها لاستكمال المؤامرة وإنهاء قضية اللاجئين وتوطينهم في سيناء بدلا من العودة لأوطانهم لكن هبة مارس الشعبية أسقطت المؤامرة.
كذلك كان للانتفاضة الاولى عام 1987 والتي تجلت بها أرقى اشكال واساليب المقاومة الشعبية, حيث لم تقتصر المشاركة على فئة ما أو مجموعات بعينها بل شارك بها كل فئات الشعب الفلسطيني وصولا الى الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى". وبالتالي فإن التجربة الفلسطينية الرائعة هي عامل مهم يمكن الاستفادة منه لتطوير أساليب المقاومة الشعبية وهو عامل بارز في المساهمة لتأسيس استراتيجية جديدة نحو انتفاضة ثالثة.