سنلقي الضوء في الجزء الثاني من المقالة، التي لخصت نتائج دراسة تحليلية لاحتياجات الأطفال ذوي الإعاقة من وجهة نظر أولياء أمورهم؛ على باقي النتائج المتعلقة باحتياجات هؤلاء الأطفال في مجالات أخرى لم نجملها في الجزء الأول.
لكن قبل ذلك يجب الإشارة إلى أن واقع الأطفال ذوي الإعاقة -وخاصة الاحتياجات الأساسية- بين أن هناك نقصًا كبيرًا في احتياجات وأولويات الأطفال ذوي الإعاقة في قطاع غزة، بحسب وجهة نظر أولياء الأمور في شمال غزة للفئة العمرية 18 عامًا فأقل.
استعرضنا في الجزء الأول ما تعلق بالاحتياجات الخاصة في مجالات: العلاج الطبيعي وخدمات التأهيل المجتمعي وخدمات النطق والعلاج الوظيفي، التي دون شك أظهرت حاجة كبيرة في هذا المجال راوحت من 70 إلى 95 % من أولياء الأمور الذين شملتهم الدراسة التحليلية.
فلقد أشارت النتائج إلى أن احتياج الأطفال إلى الدمج في مدارس اعتيادية بنسبة 36%، في حين بلغت نسبة عدم احتياج الأطفال إلى الدمج في مدارس اعتيادية 64%، وهو ما يشير إلى حاجة الأطفال ذوي الإعاقة إلى الدراسة في مدراس تلائم إعاقاتهم بحسب الاستطلاع.
وأظهرت النتائج أن الاحتياج إلى الدمج في رياض الأطفال بنسبة 30%، وأن نسبة عدم احتياجهم إلى دمج في رياض الأطفال وصلت إلى 70%، وقد وصلت نسبة الحاجة إلى الدمج في مراكز خاصة 41 %، في حين بلغت نسبة عدم احتياج أطفالهم إلى الدمج في مراكز خاصة إلى 59%، وهذا يرجع إلى أن أولياء الأمور الذين أجابوا عن الأسئلة أبناؤهم ليسوا بحاجة إلى هذه الخدمات.
وفيما يتعلق بحاجة الأطفال ذوي الإعاقة إلى زي مدرسي وحقيبة مدرسية أشارت النتائج إلى أن النسبة 49%، وأن احتياج الأطفال ذوي الإعاقة إلى حقيبة صحية بنسبة 89%، في حين أن عدم احتياجهم لحقيبة صحية بنسبة 11%، وذلك دليل واضح على تبني فكرة النقص في المستلزمات الخاصة بالأطفال ذوي الإعاقة الذين يذهبون إلى المرافق التعليمية.
كذلك عبر أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة عن أن احتياج الأطفال ذوي الإعاقة إلى رحلات ترفيهية وأيام ترفيهية بنسبة 96%، وهذا دليل واضح على الكبت النفسي الذي يعيش فيه أولياء الأمور نتيجة تعاملهم مع أبنائهم وحاجتهم للخروج عن المألوف، وعبروا عن أن احتياج الأطفال ذوي الإعاقة إلى أنشطة رياضية بنسبة 86%، في حين رأى 14% من أولياء الأمور أنه ليس هناك حاجة للأنشطة الرياضية، ومن قراءتنا إن هناك انعدامًا واضحًا لكل الأنشطة الرياضية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة، وهنا نؤكد ضرورة تفعيل الحق في الترفيه والأنشطة الرياضية، وندعو المؤسسات لتبني هذه الأنشطة، والعمل على مشاركة المجتمع المحلي في ذلك.
ومن هنا نرى أن ذلك دليل واضح على أن هناك انعدام في البرامج الترفيهية للأطفال ذوي الإعاقة.
كما أظهرت النتائج أن نسبة أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة الذين يرون أن أطفالهم وذويهم بحاجة للتوعية المجتمعية كالمحاضرات واللقاءات بلغت 85 %، في حين رأى 15% العكس، وبين 78% من أولياء الأمور حاجة أطفالهم للأدوية، و22% العكس، هذا دليل واضح على النقص الشديد في الأدوية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني.
إن ما سبق دليل واضح على النقص في برامج التوعية المجتمعية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة وذويهم، وأيضًا على أن الأطفال بحاجة إلى توفير الأدوية الخاصة بهم.
وفيما يتعلق بالحاجة إلى الحفاظات رأى نصف أولياء الأمور الذين شملتهم الدراسة أن هناك حاجة ماسة للحفاظات، ونحو 44% يحتاجون للطعام الخاص دون غيرهم من الأطفال، ورأى نحو 41% من أولياء الأمور أن هناك حاجة كبيرة للحليب الخاص لأطفالهم.
وعن الاحتياج الأخير الذي شملته الدراسة التحليلية نورد في هذا المقال أن 80% من أولياء الأمور رأوا أن أطفالهم بحاجة ماسة للمستلزمات الطبية، هذا دليل واضح على النقص فيها، ما دفع أولياء الأمور إلى عدها أولويةً أبناؤهم بحاجة إليها.
ومن هنا نؤكد أن أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة يؤكدون الاحتياجات الأساسية لأبنائهم وأنها غير متوافرة بدرجة أساسية، وأن هناك نقصًا كبيرًا في هذه الاحتياجات، مرجعين ذلك إلى غياب الدور الحكومي للوزارات ذات الاختصاص، أو غياب دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في تقديم خدماتها للأطفال ذوي الإعاقة، مختلف خدمات التأهيل الشامل، والتراجع الواضح من المؤسسات التأهيلية تجاه هذه الاحتياجات، وعدم اهتمام صناع القرار بإيجاد حل واضح لقضايا الأطفال الإعاقة المختلفة، إذ كانت نسب الاحتياج للخدمات الأساسية عالية، ما يتطلب إعادة النظر في ذلك.
وفي الختام أود التنبيه إلى أن الجزء الثالث من المقالة سيركز على إعداد مقارنات بين نسب الاحتياج وعدم الاحتياج، وفق رؤية أولياء الأمور في المجالات المستطلعة كافة.