فلسطين أون لاين

ادعى أنه "حُدِّد بيتها في بنك أهدافه كموقع عسكري للمقاومة"

تقرير تبرير الاحتلال لجريمة قتل عائلة "أبو ملحوس".. "عذر أقبح من ذنب"!

...
أجزاء من منزل عائلة أبو ملحوس جراء القصف (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

أشلاء وشهداء، أربع حفر عميقة في الأرض، أطفال انتشلوا من تحت التراب لا يزالون يعيشون وقع الصدمة، وبعض ألواح "الزينكو".. هذا ما تبقى من بيتين لعائلة أبو ملحوس (السواركة)  استهدفتهما صواريخ الاحتلال الإسرائيلي في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة الشهر الماضي.

جريمة دُونت في سجلات الاحتلال السوداء، استشهد على إثرها تسعة مدنيين بينهم خمسة أطفال وسيدتان، وأصيب (12) طفلًا، ستبقى شاهدة على ألم يعيشه كل طفل من عائلة "أبو ملحوس" سيعيش ما تبقى من عمره بلا أب، ولن تمحو الأيام صوت الصواريخ وهي تسقط بلا رحمة عليهم حتى أحالت بيتيهما ركامًا.

"عذر أقبح من ذنب".. ينطبق هذا المثل على البيان الذي أصدره جيش الاحتلال أمس، وادعى فيه أن التحقيقات التي أجراها أظهرت أن موقع المنزل الذي أدى قصفه إلى مجزرة بحق عائلة أبو ملحوس (السواركة)، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حُدِّد في "بنك أهدافه" كموقع عسكري لحركة الجهاد الإسلامي، شهد نشاطًا عسكريًّا في الماضي وخلال أيام التصعيد الذي أعقب اغتيال القيادي في سرايا القدس بهاء أبو العطا.

"حسبي الله ونعم الوكيل فيهم الكذابين".. عبر سماعة الهاتف أخرج الحاج سليم أبو ملحوس تلك الكلمات المقهورة في رده على بيان جيش الاحتلال، قائلًا: "الاحتلال قتل تسعة أفراد من العائلة، وألقى علينا أربعة صواريخ من الطائرات الحربية ونحن آمنين نائمين في بيوتنا".

يتساءل باستغراب: "كيف لبيت فيه أطفال ونساء ومسقوف بألواح الزينكو أن يكون موقعًا عسكريًّا؟".

يضيف: "ما حدث جريمة بشعة في تاريخ الإنسانية، والاحتلال يريد التغطية على جريمته".

على الخط الهاتفي ذاته، قال جار العائلة "أبو علاء": "ليأتي الاحتلال بدليل واحد أن المكان كان بنية تحتية للمقاومة".

ولا يزال أبو علاء يعيش وقع الصدمة، وهو يضيف: "الاحتلال لم يقتل عائلة أبو ملحوس فقط بل قتل منطقتنا كاملة، شعرنا بكمية خوف وذعر يومها لا نزال نعيشها".

جريمة حرب

المستشار القانوني لمؤسسة "الحق"، عصام عابدين، يعلق على بيان جيش الاحتلال بقوله: إن البيان يدلل على أن (إسرائيل) دولة مارقة، وهذا البيان ليس له علاقة بالقانون الدولي الإنساني، ويشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف، في جريمةٍ تصنف ضمن "جرائم حرب".

وقال عابدين لـ"فلسطين"، إن هناك مبادئ وقواعد لها علاقة بمبدأ الضرورة والتناسبية وقواعد الاشتباك، وليس الاحتلال الذي يبني فرضياته على هذا الموضوع، فنحن نتحدث عن مبنى سكني وهي أعيان مدنية محمية في اتفاقية جنيف الرابعة.

وتابع أن جريمة قتل عائلة "أبو ملحوس" هي استهداف مباشر لمنشآت مدنية من خلال صواريخ وطائرات حربية، مبينا أن الأساس حسب مبادئ القانون الدولي الإنساني، أنه لا يوجد أي ضرورة عسكرية تبرر أي استهداف مباشر، خاصة أن ما حدث استهداف مقصود لمنشأة مدنية.

وأكد أن بيان جيش الاحتلال لا يعفيه من المسؤولية، ففي القانون الإنساني يجب التفريق بين الأهداف المدنية والعسكرية، وإذا ما اشتبه بمكان قد يكون عسكريا أو مدنيا، فحتى الاشتباه يفسر في القانون على أنه مدني، لافتاً إلى أن الجريمة التي وقعت تصنف ضمن جرائم القتل العمد في إطار استهداف المدنيين.

وبحسب المادة (8) من نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فإن استهداف عائلة "أبو ملحوس" يمثل انتهاكا جسيما يدخل في جرائم الحرب التي ينعقد فيها اختصاص المحكمة، وفق عابدين، مؤكدا أهمية توثيق الجريمة والتعامل المهني مع المحكمة وإرسال الوثائق التي تثبت تورط الاحتلال إليها.

وقال: "نحن أمام جريمة حرب تعتبر جريمة دولية، يفترض إجراء تحقيق من قبل الجنائية الدولية فيها"، لافتا إلى أن بيان الاحتلال يدلل على أن غير راغب في إجراء تحقيق جدي بالجريمة، وأنه لا يقيم وزنا للقانون الدولي ويستمر في التغطية على القتلة.

من جهته، قال رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية- مسارات، صلاح عبد العاطي، إن بيان جيش الاحتلال هدفه التغطية على جريمته التي أفضت إلى استشهاد تسعة من أفراد عائلة أبو ملحوس (السواركة)، ما يدلل على أن قضاءه لديه سجل أسود في التغطية على جنوده.

وأضاف عبد العاطي لـ"فلسطين"، أن البيان هدفه تبرير الجريمة، وهذا شاهد جديد يؤكد أن الاستهداف تم عن سبق إصرار وترصد.