"أنتِ من المغضوب عليهم، اذهبي إلى غزة أو قطر لتصرف لك راتبًا..."، تذكر الأسيرة المحررة بشرى الطويل؛ كيف كانت صدمتها بعدما صاح أحد ضباط مخابرات السلطة في رام الله بهذه الكلمات في وجهها.
لم يقتصر الأمر بالنسبة لبشرى (26 عامًا) عند حد الصدمة؛ بل أثار ما قاله الضابط غضبها الشديد، وهي محرومة منذ أشهر من راتبها المقطوع بقرار سياسي؛ رغم أن اللوائح والقوانين الفلسطينية تكفله لها كونها أسيرة محررة.
وكانت بشرى وهي ناشطة شبابية أيضًا من سكان مدينة البيرة، شاركت في اعتصام الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم الذي أقيم على مدار 44 يومًا في رام الله، قبل تعليقه منذ عدة أيام بناءً على وعود بحل قضيتهم جميعًا.
وتقول لصحيفة "فلسطين": إنها "شاركت في جميع أيام الاعتصام للمطالبة بحقها المسلوب"، مضيفةً : "لم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة يومًا ما أن تقطع السلطة الفلسطينية راتبي بقرار سياسي".
ويبلغ عدد المقطوعة رواتبهم من الأسرى المحررين، منذ فترات متفاوتة، 38 محررًا ومحررة.
وكان جيش الاحتلال أسر بشرى لأول مرة سنة 2011، وأطلق سراحها ضمن صفقة "وفاء الأحرار" بين كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة مصرية.
لكن جيش الاحتلال لم يمهلها كثيرًا، وأعاد أسرها مجددًا وعشرات الأسرى المحررين في الصفقة، وقضت فترة طويلة في السجون دون تهمة أو مبرر، وأطلق سراحها لاحقًا.
لكن بحلول 2017، أسرها جيش الاحتلال من جديد، وزجها في سجون الأسر الإداري ثمانية أشهر دوت تهمة، كما تقول.
وتضيف: "الآن أفاجأ بأن السلطة تقطع راتبي بعد أكثر من سنتين ونصف قضتيها أسيرة لدى الاحتلال".
وتتابع: "قطع راتبي كان بأمر من مخابرات السلطة الفلسطينية بحجة أنني تابعة لحركة حماس"، مردفة: "تفاجأت أنني من المغضوب عليهم كما قال لي ضابط في مخابرات السلطة".
واحتجاجًا على ذلك، اعتصمت عند دوار ياسر عرفات –من الأماكن المعروفة في مدينة رام الله- وشاركت المقطوعة رواتبهم الاعتصام والإضراب المفتوح عن الطعام.
وكانت أجهزة أمن السلطة حاولت فض الاعتصام واقتحمت خيمة الاعتصام وطالبت المعتصمين بمغادرة المكان، بحجة أن وجودهم غير قانوني.
وترى بشرى في ذلك دليل على طريقة تعامل أجهزة أمن السلطة مع الأسرى المحررين في الضفة الغربية المحتلة.
وتشير إلى أن الأسرى المحررين أنهوا الاعتصام بناءً على وعود من رئيس السلطة محمود عباس، بحل هذا الموضوع، وإحالة الملف إلى جهات متخصصة.
وفيما يتعلق بأوضاع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، توضحت أن ما يزيد على 45 أسيرة يقبعن في سجون "الدامون"، ويعانين ظروفًا اجتماعية ونفسية صعبة للغاية.
وتضيف أن الأسيرات يعانين الإهمال الطبي الذي تمارسه إدارة سجون الاحتلال عمدًا بحقهن دون اهتمام أو مبالاة لأوضاعهن الصحية.
ووفق بشرى فإن سلطات الاحتلال تحرم بعض الأسيرات من زيارة الأهالي لهن، مبينة أن إدارة السجون منعتها من زيارة والدها الذي كان أسيرًا أيضًا خلال فترة أسرها، ولم يتمكنا آنذاك من رؤية بعض.
"معاناة الأسيرات داخل السجون كبيرة، هناك إهمال طبي كبير؛ ومنع بذرائع أمنية من الزيارات، وعندما كنت أسيرة كان والدي أسيرًا ومنعنا من زيارة بعض داخل السجون"، تقول بشرى.
كما تعاني بعض الأسيرات –وفق بشرى- إصابات بالرصاص الحي الذي أطلقه جنود الاحتلال صوبهن، واعتقلهن وزج بهن في السجون، واصفة ذلك بأنه "مؤسف ومؤلم".
وأكثر الأسيرات معاناة، المصابات بأمراض مزمنة من الأمهات كبيرات السن.
وتكمل بشرى: شرحنا أوضاعهن لإدارة سجون الاحتلال لكن دون جدوى أو اهتمام لمطالبنا، واكتفت بمنحهن المسكنات دون اهتمام لوضعهن الصحي الذي يتفاقم بمرور الأيام.