غزة/ جمال غيث-أحمد المصري
"في أيامي وساعاتي الأخيرة أريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضان أمي، لا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، بعيدًا عن أحبائي من أهلي"، كانت تلك رسالة الشهيد الأسير سامي أبو دياك، التي نقلتها محامية مركز حريات ابتسام عناتي، وسلمتها لعائلته، خلال زيارة لعيادة سجن "الرملة" مؤخرًا.
والتحق فجر اليوم، الأسير أبو دياك (36 عامًا)، برفيق دربه الشهيد الأسير المريض بسام السايح (47 عامًا) الذي ارتقى في 8 أيلول/ سبتمبر الماضي، في زنزانته متأثرًا بإصابته بمرض السرطان.
ومع تفاقم حالة أبو دياك خلال الأسبوعين الماضيين، حذرت مؤسسات معنية بشؤون الأسرى، من تعرضه للموت في أي لحظة، وجرى نقله عدة مرات للمستشفى، بسبب إصابته بنزيف، حيث انخفضت نسبة الهيموغلوبين وانخفض منسوب السكر إلى 20، مع نقصان حاد في الوزن وصل إلى قرابة 40 كيلوغرامًا.
وتقول والدته "آمنة"، إنها كانت تتوقع استشهاد نجلها في أي لحظة، نظرًا للتدهور المستمر والخطير في حالته الصحية حيث بات بمرحلة صعبة جدًّا، وأصبح جسمه لا يستقبل العلاج.
وتضيف أبو دياك، والدموع تنسكب على وجنتيها لصحيفة "فلسطين": "رحل سامي دون أن تتحقق أمنيته الوحيدة بأن يقضي ساعات عمره الأخيرة في حضني، رحل مكبل اليدين والقدمين أمام سجَّان يعشق الموت ويتغذى على آلام ومعاناة الأسرى".
وتضيف والدة الشهيد بحرقة، أنها وقبل أيام تمكنت من زيارة نجلها "سامي" في سجنه، مشيرة إلى أن اللقاء لم يدُم أكثر من ربع ساعة، ولم يتمكن خلالها من الحديث معها أو حتى رؤيتها "فقد كان غائبًا عن الوعي ورأسه مدلى على صدره وهو جالس على كرسي متحرك، وبالكاد يعرف من حوله".
وتكمل: "كنت أحاول رفع رأسه والنظر إلى وجهه وأقول له: انظر لي يا سامي، وبمجرد أن أترك رأسه يسقط على صدره، ويفقد الوعي.. حينها أدركت أن الموت يقترب من سامي شيئًا فشيئًا، إلى أن أعلن عن استشهاده فجر اليوم".
وتؤكد أن إدارة سجون الاحتلال تعمدت قتل نجلها لعدم تقديم العلاج اللازم الذي يحتاج إليه وكان دواؤهم يقتصر على بعض المسكنات الطبية مع نقله إلى المستشفى وتقديم العلاج له في حال طرأ تدهور خطير على وضعه الصحي، ثم يعاد إلى عيادة سجن "الرملة" التي تشبه مقبرة الأحياء ومكانًا للتجارب على أجساد الأسرى.
وتشير إلى أن الشهيد "سامي" اعتقل في 17 تموز/ يوليو2002 في كمين عسكري قرب جنين، وقد كان في صحة جيدة جدًّا ووزنه (95 كيلوجرامًا) والآن لا يتجاوز وزنه الـ(39 كيلوجرامًا) بسبب مرضه الشديد.
مرضه واستشهاده
وعن إصابته بمرض السرطان، نبهت إلى أن إدارة سجون الاحتلال نقلت "سامي" عام 2015 إلى عيادة سحن "الرملة" بعد سقوطه أرضًا ليتبين بعدها أنه يعاني ورمًا في الأمعاء، وتطلب ذلك إجراء عملية استئصال 80 سم منها، مؤكدة أن نجلها تعرض لسياسة الإهمال الطبي والخطأ في التشخيص والعلاج أدى إلى تفاقم حالته إلى هذا الحد.
وبسبب الإهمال الطبي الذي مورس بحق "سامي" أجريت له 6 عمليات جراحية خلال الأعوام الأربعة الماضية، وفق والدته، وبقي تحت تأثير المخدر لمدة شهر موصولًا بأجهزة التنفس الاصطناعي، وأصيب نتيجة ذلك بفشل كلوي ورئوي.
وتكمل والدة الشهيد: "ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وضع ابني الصحي من سيئ لأسوأ"، مؤكدًا أنه لم يكن يعاني أي أمراض قبل اعتقاله، ونتيجة الإهمال الطبي المتعمد الذي مورس بحقه أصيب بمرض السرطان في الأمعاء في مرحلة متقدمة، ثم تفشى المرض في جسده.
وبارتقاء سامي أبو دياك، يرتفع عدد الشهداء الأسرى إلى 222، وكان آخرهم بسام السايح الذي استشهد بعد معاناة طويلة مع مرضي السرطان والقلب في 8 أيلول/ سبتمبر الماضي.