فلسطين أون لاين

لبناء علاقة الأطفال بوطنهم عبر الألعاب والقصص

"قصة فائزة" تُوصل المقدسية "رحيق" لمشروع "دُنى"

...
غزة/ هدى الدلو:

بعد ولادة طفلتها الأولى كانت تبحث لها بشكل دائم ومستمر عن كتب وأدوات تفيدها في مراحلها العمرية الأولى، كونها على يقين بأهمية القراءة في اكتشاف الأطفال عبر مواد مسموعة ومقروءة، وأدوات خاصة تساعدها في تربيتها وتطوير مهاراتها وقدراتها، لكنها لم تجد غالبا ما تصبو إليه، واضطرت إلى شرائها من دول أخرى.

لكن مسار الأحداث تغير عندما قابلت إعلان مناقصة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتحرير قصص أطفال فأرسلت قصتها بعنوان "أين تختبئ أغراضي؟"، وكانت من ضمن الخمس قصص الفائزة.

كان ذلك دافعًا لرحيق دقة (34 عامًا) ، من مدينة القدس المحتلة، التي أنهت دراستها الجامعية بتخصص علم الدماغ والاستشارة التربوية والعلاج النفسي، بأن تبدأ بشق طريقها في تطوير كتب وألعاب للأطفال، فخرجت بمشروع "دنى".

يتميز هذا المشروع بتطوير كتب وألعاب للأطفال في القدس، وفق نظريات حديثة في علم النفس السلوكي، وعلم النفس الإيجابي وأدب الأطفال الحديث، في سعي منها لإنماء الأطفال إدراكيًا وعاطفيًا، من خلال التعرض لكتب وألعاب تحمل بين طياتها مضامين متنوعة، وتنمي المعرفة والتنور والإدراك والخيال.

وتقول رحيق: "الجميل أنهم عملوا على تطوير القصة لنشرها، ولم أكن أعتمد على القصص التي أشتريها لابنتي لقراءتها، بل كنت أكتب لها وأسرد على مسامعها، وأجتهد في تحبيب الكتاب لطفلتي، وليس بالضرورة بالنسبة لي أن يوصل رسالة من وراء قراءته، بل كنت أستخدمه لمضامين مختلفة كأن يكون مصدرا للترفيه والمتعة وكأنه لعبة حتى أضمن تعلق طفلتي به".

وفي حال أصبح الكتاب رفيق الطفل –تتابع حديثها مع صحيفة "فلسطين"- فإنه يفتح له أبوابا كثيرة كالتنوير اللغوي والثقافي، خاصة أنها تؤمن أن الأطفال لديهم حكمة وعالمهم لا يختلف عن عالم الكبار، فيجب احترام فكرهم وحكمتهم، ومحاكاتهم بمفاهيم عميقة فقدراتهم في مراحلهم العمرية الأولى عالية.

وتشير رحيق إلى أن ذلك يفتح أمام الأطفال مضامين ومفاهيم حيوية لتطورهم النفسي ومفهومهم للحياة، والاختلاف، كما أن القصة تستخدم في العلاجات النفسية للأطفال.

ثلاثة ألعاب

ومن أهداف مشروع دنى لمعرفة فلسطين وحضارتها، وتوطين علاقة الطفل ببيئته، وضم ثلاثة ألعاب، الأولى تستهدف الطفل بعمر ست أشهر باسم "أول 100 كلمة" وهي عبارة عن بطاقات صورية تعرف الطفل على أمور موجودة في بيئته المحيطة به، إلى جانب ألعاب تفكيرية تختص بالذاكرة.

واللعبة الثانية، جماعية وعائلية تفاعلية، اسمها "السلم والمفتاح" تحاكي لعبة السلم والثعبان، وهي عبارة عن لوحة لخارطة فلسطين، وفيها سلالم ومفاتيح، وتحتوي على 40 بطاقة من البيئة والحضارة الفلسطينية، تستهدف الطفل بعمر ستة أعوام، يمكن أن يلعب فيها شخصان وأكثر، وتزيد احتمالية فوزه في حال كان على معرفة بهذه المعالم، وتحتوي اللعبة على دليل، ولكنها تعمدت اختيار معالم ليست معروفة كثيرًا، وربطت الشمال بالجنوب بعيدًا عن حواجز الاحتلال، ليتعرف الطفل على بلاده بسبب سياسة المنع، ويتشجع على الوصول إليها.

أما اللعبة الثالثة للأطفال بعمر ثماني سنوات، "بدور على بلادي" حيث تربط الطفل بأهله، وتشبه اللعبة السابقة وتحتوي على 40 بطاقة، وتعمل على إضفاء جو من المتعة، وتؤكد على أهمية وجود الأهل بجانب أطفالهم.

وتبين الشابة المقدسية، أن الوقت الذي يقضيه الأهل بقراءة القصة لأطفالهم رغم معرفتهم للقراءة، له أهمية كبيرة في تنمية قدرات الطفل، وصحته النفسية، وتحسن من أسلوب قراءته، كما أن هذا الوقت يبقى محفورًا في ذاكرته ويعتبرها تجربة ممتعة مع الأهل بعيدًا عن الضغط النفسي.

كما أنه يشجع الطفل على التواصل، وتعوده على العودة لأهله في حال واجهته مشاكل في مرحلة المراهقة، مما يضمن للأهل عدم فقدانهم للبوصلة؛ وفق مُطلِقة مشروع دنى.

وتضيف: "هدفي من وراء هذا المشروع تقريب وتحبيب الطفل في الكتاب والألعاب ذات المضمون، خاصة أن ألعاب اليوم قيمتها مفقودة، بسبب البيئة التكنولوجية، وتعلق الأطفال بالأجهزة الذكية، والعمل على محاكاتهم بتفكيرهم ومنطقهم".

وتتابع: "المشروع يعمل على توفير منتجات محلية تحترم عقول الأطفال بدلًا من البحث عنها خارجيًا، وتعزيز تواصل الطفل وانتمائه مع بيئته وبلاده، وتبصيره لغويا وثقافيا والتركيز على النواحي النفسية في تطور الطفل، وبناء وقت ذات جودة بين الأبناء والأهل، وتقدير الوقت الجماعي بتوفير كل المنتجات الملائمة للتمتع بلحظات نوعية جماعية".

وجاءت تسمية المشروع من جمع كلمة "دنيا"، فتنمي عند الطفل أن دنيا واحدة لا تكفي، وهذا الشعار يعني أنه عند قراءة كتاب فتح يفتح لطفل عالم جديد وباب لدنيا أخرى.