فلسطين أون لاين

حوار المدهون: الإطار القانوني للانتخابات واضح وما تطرحه السلطة تعقيد

...
غزة/ أحمد المصري:

يؤكد أستاذ القانون د. نافذ المدهون أنّ المرجعية القانونية للانتخابات الفلسطينية، وما يتعلق بالطعون خلال وقت إجرائها، "محددة برسم القانون الأساسي الفلسطيني".

ويقول المدهون في حديث مع صحيفة "فلسطين": "إن الإطار القانوني الفلسطيني "واضح"، و"متفق عليه"، وهو قانون الانتخابات عام 2005م رقم (9)، وقد أجريت الانتخابات الخاصة بالمجلس التشريعي وفقًا له عام 2006م".

ويشدد على أن ما تطرحه السلطة في رام الله، من عدم تزامن الانتخابات، وتطبيق مرسوم بقانون 2007م، وإدخال المحكمة الدستورية، التي شكلها رئيس السلطة محمود عباس، والاحتكام للقضاء في رام الله بعيدًا عن قضاء غزة؛ يشكل تعقيدات في صلب عملية الانتخابات، ولن يوفر ضمانة لنجاحها.

وينبه المدهون إلى أن إقحام هذه التفاصيل في بناء العملية الانتخابية، من دون الالتزام بقانون عام 2005م، هو "نوع من أنواع مضيعة الوقت"، مضيفًا: "عدم الالتزام بالقانون التفاف عن الطرق، ومن أجل إدخال الشعب الفلسطيني في متاهات وإبقائه رهن حالته المأسوية القائمة، وهي حالة الانقسام".

ويطالب بتطبيق القانون الفلسطيني الأساسي وقانون الانتخابات (قانون 2005م)، وتوقيع اتفاق شرف، لاحترام نتائج الانتخابات، وتحييد المحكمة الدستورية، نقاطًا أساسية للخروج من أي معضلة تعرقل الانتخابات عن المضي في طريقها.

ويلفت المدهون إلى أن تطبيق القانون رقم 9 لسنة 2005م من شأنه أن ينظم عملية الطعون داخل العملية الانتخابية بكل احترافية ووضوح، في حين أن التوسع في القانون الجديد الذي اقترحه عباس، وصدر عنه (2007م) من شأنه أن يفتح الباب واسعًا للطعونات، التي قد تصل إلى الآلاف أمام المحاكم، محاكم الضفة وغزة، والدخول في معضلة شرعية.

ويضيف: "لابد من العودة للقانون الأساسي الفلسطيني وقانون انتخابات رقم 9 سنة 2005م، على أساس أن هذه القوانين صدرت من التشريعي، ونظمت العملية الانتخابية".

ويشدد على أن حركة فتح تصر على تطبيق القرار بقانون 2007م الصادر عن عباس، وكأنها توجه شرطًا للشعب الفلسطيني، بأن يكون أحد شروط الترشح لرئاسة السلطة أو عضوية "التشريعي" الالتزام بالبرنامج الحالي لمنظمة التحرير.

وكان المجلس التشريعي أقر في 18 حزيران (يونيو) 2005م قانون الانتخابات العامة رقم (9)، إذ اعتمد فيه النظام الانتخابي المختلط الذي يجمع مناصفة بين نظام الأغلبية النسبية (الدوائر) ونظام التمثيل النسبي (القوائم)، وحدد القانون عدد أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني 132 عضوًا، ينتخب 66 عضوًا وفق نظام الأغلبية النسبية، وينتخب 66 عضوًا وفق نظام التمثيل النسبي (القوائم).

لكن عباس أصدر قرارًا بقانون رقم (1) لسنة 2007م يقضي بإلغاء قانون الانتخابات الفلسطيني رقم (9) 2005م، وأبرز ما جاء فيه اعتماد مبدأ التمثيل النسبي الكامل في انتخابات المجلس التشريعي (نظام القوائم).

ويبدي المدهون استغرابه هذا "الشرط الفتحاوي"، في وقت وجود عدد من الفصائل الوازنة كحركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما في الساحة الفلسطينية خارج أسوار المنظمة، مع إصرار فتح على منع دخول هذه الفصائل في خيمتها حتى اللحظة.

ويبدي اعتقاده بإمكانية فشل العملية الانتخابية لأسباب ترجع للتفاصيل التي تريد قيادة السلطة في رام الله إدخالها في صلب العملية، مضيفًا: "لدينا مرجعية قانونية، إذا لم توضع بوضوح، وسرنا عليها، فإننا نحكم على الانتخابات بالفشل منذ البداية".

وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس قالت في 26 أيلول (سبتمبر) الماضي إنها مستعدة للانتخابات العامة الشاملة، التي تضمن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، في أعقاب إعلان عباس خلال خطابه في الأمم المتحدة اعتزامه الدعوة للانتخابات عند عودته إلى رام الله المحتلة.

وأكدت الفصائل بعد اجتماع قادتها إلى وفد لجنة الانتخابات المركزية برئاسة حنا ناصر، في غزة في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ موقفها الوطني الجامع "ضرورة عقد لقاء وطني شامل ومقرر، ممرًا إجباريًّا لازمًا لضمان انتخابات وطنية تجمع شعبنا ولا تفرقه، وتنهي الانقسام ولا تكرسه".

وقبل ذلك بيوم أكد رئيس حماس في غزة يحيى السنوار جاهزية حركته الدائمة للانتخابات الفلسطينية.

وفي 10 من الشهر الجاري، أعلن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية سلسلة خطوات لـ"تذليل أي عقبات في سبيل إنجاز ملف الانتخابات الفلسطينية"، قائلًا: "إن الموقف الوطني العام من الانتخابات كان مرتكزًا على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، ولكن أمام إصرار حركة فتح وكرمال هالوطن تنازلنا وقبلنا إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، ولم تتعاط السلطة، وكرمال وطننا قبلنا إجراء انتخابات تشريعية، يليها انتخابات رئاسية في مدة زمنية محددة".

وآنذاك أضاف هنية: "وكرمال وطننا قدمنا التنازلات والمرونة طيلة السنوات الماضية وحتى هذه اللحظة، وكرمال وطننا قلنا إن قانون التمثيل النسبي لن يكون عقبة أمام الانتخابات ووافقنا على رسالة أبي مازن (عباس)".

وورد في رسالة عباس المتداولة إعلاميًّا بنود عدة، منها إصدار مرسوم رئاسي واحد لإجراء الانتخابات التشريعية تتبعها الرئاسية في تواريخ محددة، وأن تجرى الانتخابات استنادًا إلى القانون الأساسي، وأن تجرى الانتخابات التشريعية على أساس قانون النسبية الكاملة، وأنه بعد إصدار المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بمواعيدها المحددة يطلب عباس من جميع الفصائل والقوى والفعاليات الفلسطينية فتح حوار بينها لإنجاح الانتخابات، واشترط الرد الخطي بالموافقة على رسالته.

وفي 19 من الشهر الجاري، قال نائب رئيس حماس صالح العاروري: "إن ردنا على ورقة عباس بشأن الانتخابات جاهز، وننتظر وصول رئيس لجنة الانتخابات إلى غزة لتسلمه".

في السياق، يوضح المدهون أن السلطة وحركة فتح لا ترغبان في وجود أي دور لقضاء غزة في إطار العلمية الانتخابية القادمة، ومن ذلك الفصل في القضايا والطعون، مرجحًا أن يكون هذا الأمر أحد الشروط التي تضعها فتح أمام الفصائل بغزة للمضي قدمًا بالعملية الانتخابية.

ويشدد على أن الفصائل لن تقبل هذا الأمر، وهي مشكلة من المشاكل المتوقعة في العملية الانتخابية، في وقت أن الانتخابات باتت عملية استحقاقية لا غنى عنها في هذه المرحلة الحساسة.

ويتابع: "من حق شعبنا في إطار الهجمة الدولية الأمريكية الصهيونية أن يكون له ممثلون وطنيون منتخبون، تستطيع الشخصيات المنتخبة أن تواجه المشروع القادم الذي يطال قضيتنا".

ويؤكد خلو القانون الفلسطيني من أي معضلة أو جدل بشأن ضرورة إجراء الانتخابات، مضيفًا: "نحن بحاجة لانتخابات وتجديد الشرعيات بما يناسب حجم التحديات في المرحلة القادمة".

ويتوقع المدهون أن تكون التجربة الانتخابية القادمة في حال سارت بشكلها الطبيعي القائم على قانون عام 2005م "تجربة غنية مغلفة بالوعي الكامل"، بسبب تشبع الشعب في سياق السنوات الماضية بالخبرة والمعرفة بمن يصلح لقيادته.

ويشار إلى أن عباس كان أعلن العام الماضي حل المجلس التشريعي المنتخب في 2006م بقرار من المحكمة الدستورية، التي شكلها منفردًا في رام الله ولا تحظى بإجماع وطني.

وكانت حماس اكتسحت نتائج الانتخابات التشريعية في 2006م، بحصولها على 76 مقعدًا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة 132.