فلسطين أون لاين

أطفال مبتورو الأطراف في فريق "للساحرة المستديرة"

...
أحد الأطفال مبتوري الأطراف في فريق الكرة
غزة/ مريم الشوبكي:

بعكازين وقدم واحدة يركل عنان الجد الساحرة المستديرة ويجوب بها الملعب المعشب، محققًا حلمه بلعبها كما أقرانه في الحي، وانضم إلى أول فريق كرة قدم للأطفال مبتوري الأطراف في المحافظة الوسطى في قطاع غزة.

اللاعب عنان ذو السنوات السبع ولد دون قدم يمنى، حينما شاهد عمه إصراره على لعب كرة القدم مع أصدقائه أمام البيت، ضمه للفريق الذي كان قيد الإنشاء، لكي يمارس حقه الطبيعي في ممارسة الرياضة كأقرانه الأطفال.

وتلقى عنان وباقي زملائه توجيهات المدّرب الإيرلندي سيمون بيكر، الذي وصل إلى غزة منذ نيسان (أبريل) الماضي؛ للتأسيس لرياضة كرة القدم لذوي البتر بالقطاع، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

الوالد جميل الجد الذي يقطن في المغازي وسط قطاع غزة يقول: "إحدى الجمعيات التي تعنى بمبتوري الأطراف أخبرتني أنهم يريدون عنان للانضمام إلى أول فريق كرة قدم لهذه الفئة من الأطفال، ولم أتردد لحظة في الموافقة".

ويضيف الجد لصحيفة "فلسطين": "قبل ذلك شارك عنان في مخيم صيفي لكرة القدم، كان في حالة من السعادة والفرح، لأنه حقق حلمه واستطاع تفريغ طاقته فيها، ويشعر بأنه لا يقل مهارة وقدرات عن أقرانه من الأصحاء".

ويشير إلى أنه تخوف في البداية من انضمام ابنه لفريق كرة القدم، لاسيما أن بعض المؤسسات تستغل فئة ذوي الإعاقة لجلب الدعم ومع ذلك لا يقدمون لهم أي مساعدة، ولكن الجانب النفسي الذي سيجنيه من لعب كرة القدم هو الدافع الأساس نحو تشجيع طفله على الانضمام للفريق.

لعب كرة القدم انعكس إيجابًا على شخصية عنان الذي أصبح اجتماعيًّا، قوي الشخصية، مرحًا سعيدًا لم يعد يفكر بإعاقته وتساؤلاته عنها التي كان يحاصر بها والديه.

ويبين الأب أن عنان توقف عن سيل الأسئلة عن سبب إعاقته وأنه ليس كإخوته معافى، ولم يعد يتأثر بنظرة الشفقة من كثيرين، وممارسة بعض أصدقائه في المدرسة التنمر عليه، بسبب إعاقته.

وكان عنان يتدرب يومين في الأسبوع في الإجازة الصيفية، ومع بدء العام الدراسي انحصر التدريب في يوم الجمعة فقط.

ولم يتخيل الوالد أن طفله لديه موهبة في كرة القدم، واكتشف مهارته في الركض وتمتعه بليونة كبيرة في جسده.

ويطالب المؤسسات الأهلية والمحلية بتسخير الطاقات لدعم فئة ذوي الإعاقة، معنويًّا وماديًّا، وعقد ندوات وورش عمل، ومخيمات على مدار العام، لتفريغ طاقتهم بها، والتغلب على مشكلاتهم، واكتشاف مهارات مدفونة لديهم.

وصاحب فكرة تشكيل فرق كرة القدم لمبتوري الأطراف هو رئيس جمعية فلسطين لكرة القدم البتر فؤاد أبو غليون، الذي يبين أن جمعيته شكلت فريق الشباب لكرة القدم البتر لسن ما فوق 16 عامًا، ثم جاءته فكرة تكوين خمسة أفرقة موزعة على المحافظات الخمس في قطاع غزة.

ويوضح أبو غليون لصحيفة "فلسطين" أن فريق الأشبال دون 16 عامًا من الذكور والإناث، يكون امتدادًا لفريق الشباب، بالتعاون مع "الصليب الأحمر" في القطاع.

ويشير إلى أن رياضة كرة القدم لمبتوري الأطراف جديدة في غزة، وهناك أفرقة لكرة السلة كراسي، وكذلك كرة الطائرة، وألعاب القوى أيضًا، وشكل الفريق بعد التواصل مع عدة مؤسسات لدعمه.

وحاليًّا يعقد دوري كرة القدم للأطفال مبتوري الأطراف، تتنافس فيه الأفرقة الخمسة، للتعرف إلى الأكثر مهارة في الرياضة من الأطفال، لتشكيل منتخب فلسطين من الأشبال، لمنافسة الفرق دوليًّا وعربيًّا.

ويذكر أبو غليون أن العقبات المادية ما تزال قائمة إذ يعاني الفريق قلة الدعم، لاسيما أن فئة مبتوري الأطراف دخلها محدود ويحتاجون إلى بدل مواصلات لضمان حضور الأطفال التمرينات.

ويلفت إلى أن الأطفال يحتاجون إلى المستلزمات الرياضية من أحذية وزي، إضافة إلى ملاعب معشبة مهيأة لذوي الإعاقة بالخدمات التي يحتاجون لها.

ومن الصعوبات أيضًا يبين أبو غليون أن حكام المباريات ومدربي الفرق يعملون متطوعين دون مقابل مادي، وهذا لا يشكل استمرارًا للأفرقة، ويقلل فرص المشاركة في مباريات خارجية لتبادل الخبرات في أوروبا، لأن هذه الرياضة حديثة العهد في الوطن العربي.

عن الأهمية التي تشكلها رياضة كرة القدم لذوي البتر، يجيب: "الإعاقة ليست نهاية الحياة بل بداية المستقبل، مبتورو الأطراف يبذلون جهدًا أفضل من الأصحاء، وذلك يخرجهم من الحالة النفسية السيئة التي تعتريهم بسبب إعاقتهم".

ويتابع أبو غليون: "رياضة القدم لمبتوري الأطراف عالمية مثل كرة القدم للأصحاء، تمثيل فلسطين في هذه الرياضة مهم، وبها نوجه رسالة للمحتل الإسرائيلي أنك لن تستطيع أن تقتل الحياة عند الشعب الفلسطيني".

ويضيف: "إن الرياضة صناعة، فهناك دول لا تذكر في المال والسياسة، وحققت إنجازات عالمية في الرياضة، فما بالك رياضة من نوع خاص لاعبوها يكونون أكثر جدية وعطاء من لاعبي كرة القدم للأصحاء؟!".

ويشير إلى أن الدوري المقام حاليًّا الهدف منه تشكيل منتخب يمثل فلسطين في المحافل الدولية، باختيار اللاعبين المميزين من الأفرقة الخمسة مهارةً.

ويطمح عنان إلى أن يصبح لاعبًا محترفًا في منتخب فلسطين لمبتوري الأطراف.