اليوم: السبت، التاريخ: 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، المسجل: 49 والحضور: 48، هذا هو ما كُتب على السبورة في الصف الخاص بالشهيد إسماعيل عبد العال، ولكن العدد الناقص لم يكن هو فلا غياب لإسماعيل، إذ أثبت حضوره في جنان النعيم، إنما كان لصديقه المقرب الذي لم يستطِع القدوم من دونه في هذا اليوم.
فلكل إنسان ميزة في الحياة يتفرد بها عن غيره، ولطالما كان للشهداء بصمات تجعل المحيطين بهم ومن يعرفونهم بحق لا ينكرونها ويتذكرونها طالما بقوا أحياء، وهذا هو الحال مع الشهيد الطالب عبد العال.
ذلك الطفل (16 عامًا) الذي أجمع زملاء صفه ومدرسوه أنه كان مرحًا، وماهرًا في اقتناص الفرص والتوقيت المناسب من أجل رمي بعض التعليقات المازحة التي تجعل كل من في الفصل يضحك بدءًا من الطلبة وانتهاءً بالمدرس.
الطالب فارس شابط حدثنا عن اللقاء الأخير له مع إسماعيل عندما عادوا إلى بيوتهم بعد انتهاء اليوم الدراسي الاثنين الماضي، حيث أمضوا الطريق بأكمله وهو يتسامرون ويضحكون بسبب النكات التي كان لا يتوانى عن إطلاقها.
ويقول في حديث مع صحيفة "فلسطين": الشهيد كان صاحب خلق عالٍ، وقبل أن يصل إلى بيته كان يوصيني بالصلاة وعدم التهاون عن أدائها، كما كان يحثني على البدء بحفظ القرآن في المسجد، لافتًا إلى أن الشهيد كان مداومًا على الصلاة وحفظ القرآن".
ويضيف شابط:" كنت أشعر أن إسماعيل هو الأخ الذي عوضني به الله عن أخي الشهيد، والآن ذهب هو الآخر ليحقق الله له أمنيته في أن يكون شهيدًا وقد كان لا يتوانى عن الحديث عنها باستمرار".
ويشير إلى أنه سمع عن خبر استشهاد صديقه عن طريق الإنترنت وعن وجود شهيد من مدرسته واسمه إسماعيل عبد العال، منبهًا إلى أنه لم يصدق الخبر حتى رأى صديقه وزميله في الكفن.
حزن عميق
حزن وأسى هو كل ما يشعر به زملاء إسماعيل في الفصل، حتى أن أقرب أصدقائه إليه لم يستطِع القدوم للمدرسة وهو غير موجود فيها، إلا أن باقي الطلبة آثروا أن يجعلوا اليوم الأول لعودتهم للدراسة يومًا خاصًّا لتأبين إسماعيل.
الطالب عبد الله أبو سليمان يؤكد أن الشهيد كان شخصية فريدة من نوعها، حيث إنه كان الطالب الوحيد القادر على إضحاك جميع من في الفصل بكلمة واحدة منه، لافتًا إلى أنه لم يكن يضايق أحدًا بهذه الضحكات التي تخفف من أجواء الدراسة الجامدة.
ويقول لصحيفة "فلسطين": "قابلت إسماعيل ليلة شن العدوان على غزة في نادي تدريب كرة القدم، وهناك تحدثنا في موضوعات عادية ثم عاد لمنزله، فما حصل لم يكن يتوقعه أحد ولم يكن يخطر ببالنا أن يأتي اليوم الذي نفقد فيه إنسانًا ترك في كل شخص قابله أثرًا".
قائد اجتماعي
المرشد التربوي في المدرسة أحمد العبسي يؤكد أن إسماعيل عبد العال كان قائدًا بالفطرة، حيث أنه كان لديه ذكاء اجتماعي يجعله يلفت النظر ويمكنه من التأثير على جميع من حوله سواء كان من الطلبة أو الأساتذة.
ويقول في حديث مع صحيفة "فلسطين": "وجود إسماعيل في أي مكان يعني وجود مظاهر للمرح والضحك بين الطلاب، فهذا هو أكثر ما يميز الشهيد إضافة إلى وجود بعض الصفات والملكات التي كان تجعله قائدًا لمجموعة من الزملاء".
ويضيف العبسي: "وجود هذه الصفات في إسماعيل جعلت غيابه واستشهاده يترك أثرًا قويًّا على زملائه في الفصل الذين بدا عليهم الحزن بشكل واضح في أول يوم لهم في المدرسة بعد استشهاده".
ويوضح أن المدرسة بصدد عمل خطة للتخفيف من الأثر النفسي على زملائه في الفصل من خلال عمل جلسات تفريغ نفسي، توعيتهم في طريقة التعامل مع الأزمات إضافة إلى عمل رحلة ترفيهية خلال الأيام القادمة.
جدير بالذكر أن مدرسة يافا الثانوية للبنين نفذت عددًا من الفعاليات لتأبين عبد العال من خلال جدارية الوفاء للشهيد وترك الطلبة يكتبون ما يريدونه عن الطالب الشهيد أو الدعاء له.
كما استضافت في اليوم الأول للدراسة والد الشهيد في حفل للتأبين أقامته المدرسة وقدمته خلاله التعازي للوالد ولعائلة عبد العال.