فلسطين أون لاين

تقدم في مبادرة "لا حرب" التي تقودها خارجية الاحتلال

تحليل: الاتفاقية الإسرائيلية الخليجية رفع للستار عن تطبيع عمره عقود

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يرى محللان سياسيان أن حديث سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن اتفاقيات ثنائية بين دول خليجية و(إسرائيل) ما هو إلا خروج بتلك العلاقات القائمة منذ عقود طويلة إلى العلن، مشيرين إلى أن اتفاق التسوية الفلسطينية الإسرائيلية "أوسلو" والتنسيق الأمني نزع رداء الحياء عن بعض الدول العربية، وهو ما يمثل مرحلة متقدمة بمخطط تصفية القضية الفلسطينية.

ونشرت القناة العبرية الثانية، أمس، تقريرًا ذكرت فيه أنه طرأ تقدم على المباحثات الرامية للتوصل إلى اتفاق "لا حرب" بين دولة الاحتلال ودول خليجية، بموجب مبادرة وزير خارجية الاحتلال، يسرائيل كاتس، التي تهدف إلى تطبيع رسمي للعلاقات، وسط ترحيب ودعم أميركي.

غطاء للتطبيع

المحلل السياسي حاتم أبو زايدة أشار إلى وجود حراك خليجي لإنشاء سفارات عند دولة الاحتلال، ولكن ثمة تردد وخشية من الإعلان عن ذلك، فلجأ الطرفان لعقد اتفاقيات مبهمة تتضمن بعض البنود كـ"عدم الحرب".

ويعتقد أن تلك الاتفاقيات تمثل غطاء للتطبيع ورفع وتيرة التواصل السري القائم منذ عقود بين (إسرائيل) وبعض العواصم الخليجية، ضمن مسارات تشرعن تلك العلاقات بشكل أقل من إقامة سفارات وممثليات لكن تؤدي الوظيفة نفسها.

وأوضح أبو زايدة أن العامين الأخيرين شهدا تبادلًا للوفود على حساب القضية الفلسطينية، "لكن الجديد إعلان ذلك الأمر ضمن اتفاقات سياسية على حساب القضية الفلسطينية، لتشعر (إسرائيل) بنشوة الانتصار، وأنها غير مجبرة على دفع أثمان للشعب الفلسطيني بينما تهرول الحاضنة العربية إليها".

وأشار إلى أن إعلان القناة العبرية الثانية يثبت أن احتلال فلسطين لا يمثل مشكلة على الإطلاق بالنسبة للعرب فهم يقيمون أشكالًا مختلفة من العلاقات مع الاحتلال، وهذا من شأنه تثبيت مخططات السياسة الإسرائيلية القائمة على ابتلاع الضفة و"أسرلة" القدس واختزال القضية في غزة.

ومن وجهة نظر أبو زايدة، فإن "مبادرة كاتس" تعزز الجانب السياسي غير المعلن من "صفقة القرن" لدمج (إسرائيل) سياسيًا في المنطقة العربية، لافتًا إلى أن تلك الصفقة ليست جديدة وإنما جاءت تأسيسًا على اتفاق أوسلو منذ 1993، والفارق أنها تمضي بوتيرة متسارعة في ظل وجود مفاعيل سياسية عربية داعمة ولديها الرغبة في حسم ملف القضية الفلسطينية.

علاقات تاريخية

ويتفق المحلل السياسي يوسف حجازي في أن العلاقات الخليجية والإسرائيلية ليست وليدة اللحظة وإنما "قائمة منذ نشأة الطرفين على يد بريطانيا (...) الجديد أن قضية فلسطين لم تعد أولوية للعرب وباتوا يجهرون بذلك علنًا.

وذهب إلى القول: "من حيث النشأة والكينونة، أوجدت (إسرائيل) ودول الخليج في الوقت نفسه الذي كانت تهيمن فيه بريطانيا على المنطقة، وهذه الدول أدوات بيد الاستعمار وتستمد استمرارها اقتصاديًّا وعمليًّا منه لكن تم نقلها من الأيدي البريطانية إلى الأمريكية".

وتابع حجازي: "نخدع أنفسنا عندما نتحدث عن قومية عربية، فلا وجود لأمة عربية في زمن سقوط الأيديولوجيات وسيطرة المصالح على العلاقات الدولية، فالحقيقة أن دول الخليج تطبع ومرتبطة بعلاقات تجارية واقتصادية وأمنية مع الاحتلال منذ نشأتهما ولكن ما تريد فعله عبر توقيع اتفاقيات هو مجرد إشهار".

وشدد على أن الأحداث التاريخية لا تظهر فجأة وإنما يؤسس لها بانتظار الوقت الملائم للإعلان، "فالعلاقات الدبلوماسية موجودة بين الطرفين، وإنْ لم توجد مكاتب وممثليات، تعكسها تبادل الوفود الزائرة".

وأشار إلى أنه منذ إعلان قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين انقسم العرب إلى قسم قومي ناهض المشروع الصهيوني، وآخر كانت دول الخليج جزءًا منه مهمته الحيلولة دون أي نهضة قومية عربية.

ويعتقد حجازي أن تلك العلاقات تحشر الفلسطينيين في الزاوية، وستعرضهم لابتزاز سياسي كما حدث إبان أوسلو في ظل نظر بعض الدول العربية لفصائل المقاومة الفلسطينية كـ"حركات إرهابية"، وفي وقت يمضي فيه مخطط تصفية القضية على قدم وساق بإعلان "ضم القدس والجولان"، والسعي لتجفيف منابع "أونروا".

وترتكز المبادرة على استغلال "المصالح المشتركة بين (إسرائيل) ودول خليجيّة لمواجهة إيران "من أجل تطبيع العلاقات في مجالي الحرب على الإرهاب والاقتصاد، وتقتصر المبادرة على هذين البندين، بحسب القناة، وذلك على ضوء "الاعتقاد بأنه في المرحلة الحاليّة، أنه من غير الممكن التوقيع على اتفاقيّات سلام كاملة بسبب استمرار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني".

ووفقًا للقناة الثانية، فإن المبادرة تستند إلى الأسس الآتية: تطوير علاقات وديّة وتعاون بين البلدان، "على أساس ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي"، واتخاذ خطوات "ضرورية وفعالة لضمان عدم انطلاق أو تخطيط أو تمويل عمليات قتالية أو عدائية أو تخريبية أو عنيفة أو تحريضية" من دول الخليج ضد (إسرائيل).

كما تشمل المبادرة "الامتناع عن الانضمام أو الدفع أو مساعدة أي تحالف أو منظمة ذوي خلفيات عسكرية أو أمنية، مع طرف آخر غير موقع على الاتفاق"، دون الإعلان عن مصير التحالفات القائمة مثل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وينص التقرير، أيضًا، على حل "كل الاختلافات في الآراء عبر التشاور".