تنتشر الأسلحة النارية الخفيفة بمختلف أنواعها بين الكثير من العائلات والشبان بمدن الضفة الغربية المحتلة، وخاصة المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، في ظل غياب واضح للسيطرة عليه أو ضبطها، وهو ما يتسبب بسقوط قتلى وجرحى.
وتستخدم العائلات في مدن الضفة الغربية الأسلحة النارية بكثافة عند المشاكل العائلية، والأفراح ومختلف المناسبات، فضلًا عن استخدامها لمواجهة أجهزة أمن السلطة عند اقتحام مناطق أو مخيمات تفقد السيطرة عليها.
وأظهرت مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استخدام الأهالي للأسلحة النارية بكثافة كبيرة خلال المشاكل العائلية، وسقوط جرحى وقتلى بسبب استخدامها غير القانوني.
وكان آخر ضحايا انتشار السلاح في الضفة، الشاب فراس عصام الشايب (21 عامًا) الذي قتل الجمعة الماضية بإطلاق نار في نابلس، في أثناء حملة للبلدية لإزالة التعديات عن الأرصفة والطرقات في المدينة.
وأصيب الشايب بطلق ناري في رقبته بسلاح أحد المواطنين، في أثناء مروره في المنطقة التي تجري بها الحملة وتم نقله للمستشفى وبعد لحظات أعلن الأطباء عن وفاته.
كذلك يستخدم عناصر حركة "فتح" الأسلحة النارية وإطلاق النار في كل المناسبات، في ظل صمت وعدم تحرك من قبل أجهزة أمن السلطة.
النائب في المجلس التشريعي وأحد رجال العشائر والإصلاح بالضفة الغربية، حاتم قفيشة، يؤكد أن أكثر الأشخاص استخدامًا للأسلحة خلال المشاجرات العائلية، وإطلاق النار، هم أبناء الأجهزة الأمنية.
وقال قفيشة في حديثه لـ"فلسطين": "ضباط في عدد من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة يستغلون أسلحتهم في المشاكل بين العائلات، إذ لا يكاد يخلو أسبوع دون وقوع عمليات قتل نتيجة استخدام الأسلحة".
وبين قفيشة أن العديد من الحوادث حصلت بسبب قيام ضباط في أجهزة أمنية باستخدام السلاح خارج إطار عملهم، ولا يوجد قيود رادعة على حمل السلاح من قبل مؤسساتهم الرسمية، وهو ما يسهم في زيادة انتشار الجرائم.
وأوضح أن مؤسسات السلطة تتحمل جزءًا كبيرًا من استمرار انتشار الأسلحة والقتل، بسبب ضعفها في تنفيذ قرارات المحاكم، وعدم تطبيق القانون الفلسطيني الواضح والصريح في هذه القضايا.
وشدد على أن كل شخص يستعمل السلاح يجب أن تتم محاسبته فورًا أمنيًا وقضائيًا واجتماعيًا، وضرورة ضبطه من العائلات التي تدافع عن أبنائها المرتكبين لجرائم القتل بأدوات السلاح.
ويحظر القانون الأساسي الفلسطيني اقتناء وحمل الأسلحة النارية، وكذلك كواتم أو مخفضات الصوت والتلسكوبات التي تركب على الأسلحة النارية، دون الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية.
المدير العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان في رام الله، عمار الدويك يؤكد أن الهيئة تعتبر انتشار الأسلحة بمدن الضفة الغربية بأيدي أشخاص خارجين عن القانون، خطرًا على السلم الأهلي وحياة المواطنين.
ويقول الدويك في حديثه لـ"فلسطين": "انتشار السلاح غير المرخصة في مدن الضفة الغربية يشكل خطرًا في حق المواطنين في الحياة، خاصة عند استخدامه في المشاكل العائلية، والأفراح والمناسبات".
ويشير إلى أن الهيئة عملت على إعداد مدونة استخدام السلاح مع الأجهزة الأمنية، وتتابع كل قضية يتم فيها مقتل مواطنين بسبب السلاح، ونشر هذه التحقيقات على العامة.
ورصدت الهيئة منذ يناير 2019 وقوع العديد من حالات الوفاة في الضفة الغربية، وتوزعت بين وفاة في ظروف غامضة، ونتيجة الشجار العائلي، وسوء استخدام السلاح، حيث وقعت 4 حالات وفاة في إبريل، و12 حالة في مارس، و9 حالات في فبراير، و7 حالات في يناير، وشهد شهر مايو مقتل 4 مواطنين.
وخلال العام الماضي، وثقت الهيئة مقتل 19 حالة وفاة نتيجة معارك عائلية، بواسطة أنواع مختلفة من الأسلحة النارية.
الناطق باسم الشرطة في الضفة الغربية العقيد لؤي إرزيقات، يقر بانتشار الأسلحة غير المرخصة بالمدن والمخيمات، مع استخدامها من قبل ممتلكيها في الشجارات العائلية والأفراح والمناسبات، وفرض القوة، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال.
ويؤكد إرزيقات في تصريح صحفي له، أن ترويج وبيع الأسلحة المهربة وغير القانونية، مشكلة تواجهها الأجهزة الأمنية بالضفة منذ وقت طويل.
ويقول إرزيقات: إن "الجرأة في امتلاك الأفراد والعائلات مثل هذه الأسلحة يأتي في ظل غياب الرادع من خلال الضعف القانوني المطبق لدى السلطة الفلسطينية".
وكرر ارزيقات الحاجة الملحة لوجود قانون رادع يضع من يحمل الأسلحة تحت طائلة المسؤولية القانونية للمساهمة في منع الشجارات وبالتالي التقليل من حوادث وجرائم القتل.
ويشير إلى أن الاحتلال يساهم في نشر السلاح وتهريب الأسلحة في مدن الضفة الغربية، عبر العديد من التجار.
وتوثق الأجهزة الأمنية مصادرة ما بين 600 إلى 1000 قطعة سلاح غير قانونية في مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، وفق إزريقات.