فلسطين أون لاين

​خبيران: قرار حجب المواقع يكشف مدى هيمنة عباس على قضاء الضفة

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم يكن قرار محكمة الصلح برام الله حجب 59 موقعًا إلكترونيًا فلسطينيًا الاثنين الماضي، سوى نتيجة من نتائج حل مجلس القضاء الأعلى وتعيين مجلس انتقالي بديل شهد خلاله إحالة 48 قاضيًا للتقاعد، سبقه بأشهر حل المجلس التشريعي الفلسطيني، ما ترك الباب مفتوحًا أمام السلطة وأجهزة أمنها لتحارب كل من يخالف وجهة نظرها.

واستنادًا إلى قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يحتوي على بنود ونصوص تقمع حرية الرأي والتعبير، تواصل السلطة فرض قبضة أمنية وتكميم أفواه كل من تعتبرهم خصومًا ومعارضين لتوجهاتها السياسية، رغم مناقضة ذلك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

قانونيون اعتبروا الحكم القضائي بحجب المواقع الإلكترونية مخالفًا بكل تفاصيله للقانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته لا سيما المادة 19 التي حظرت بشكل واضح وصريح المساس بحرية الرأي، وكفلت إطلاق حرية التعبير دون قيود، كما ينطوي هذا الحكم على مساس بالحريات المكفولة دولياً، إضافة إلى مخالفته للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين.

استقلالية معدومة

رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق سامي صرصور يقول: إن "القضاء الفلسطيني في الضفة الغربية معدوم الاستقلالية بعد إلغاء مجلس القضاء الأعلى، وأنه لا يوجد سلطة قضائية بالأساس بعد القرار السابق، وأن السلطة التنفيذية تتغول على القضائية".

وأشار صرصور لصحيفة "فلسطين" إلى أن قرار حجب 59 موقعًا إعلاميًّا صدر عن قاضٍ بمحكمة الصلح برام الله بشكل منفرد، وهو قرار ابتدائي قابل للطعن على مختلف درجات الطعون.

ولفت إلى أن القضاة الفلسطينيين يعملون في المحاكم تحت وطأة رئيس المجلس الانتقالي الجديد عيسى أبو شرار الذي تخوله الصلاحيات التي منحت له إقالة أي قاضٍ والاستغناء عنه دون إيضاح المبررات، واصفًا ذلك بـ"المصيبة القضائية" بعد نقل صلاحيات مجلس القضاء السابق كاملة لمجلس انتقالي جديد، فضلا عن الانحياز لجهة على حساب أخرى بتدخل مخفي من السلطات التنفيذية.

من جانبه، ربط الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، قرار حجب المواقع الإعلامية بحل مجلس القضاء الأعلى، مبينًا أن هذه الإجراءات تأتي في سياق مزيد من إمساك القبضة الأمنية بكل مفاصل الحياة الفلسطينية.

وقال عساف لصحيفة "فلسطين": إن "هذا التوجه ليس جديدا، فمنذ حل المجلس التشريعي بدأت الهيمنة على القضاء"، مشيرًا إلى أن قرار محكمة الصلح بحجب المواقع الإعلامية يشير إلى أن القضاء ليس بمعزل عن هيمنة السلطة السياسية، ما يدلل على أن هناك مزيدًا من القمع للحريات والتضييق على الحريات الشخصية للمواطنين.

وتابع: "هذا يتناقض عمليًّا مع النظام الأساسي الفلسطيني ما يستدعي إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية الذي يكرس تكميم الأفواه وقمع الحريات".

ولفت إلى أن السلطة تريد أن يكون كل شيء بيد عباس، ولا تريد أن يكون هناك أي صوت معارض أو مخالف لتوجهاتها السياسية، حتى أنه لم يعد هناك إمكانية اللجوء للقضاء الذي اصبحت تسيطر عليه السلطة.

قرار تعسفي

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربية فريد الأطرش يقول: "هناك اعتداء واضحًا على حرية الرأي والتعبير"، معتبرًا قرار حجب المواقع الإعلامية مخالفًا للاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية والتي تحترم حرية الرأي والتعبير وعدم المساس فيها.

وأضاف الأطرش لصحيفة "فلسطين" أن المحكمة حكمت بموجب قرار بقانون "الجرائم الإلكترونية" الذي طالبت الهيئة المستقلة بتعديله، وأن على المحكمة ألَّا تقوم بحجب المواقع الإعلامية لأنه مخالف للقانون الأساسي".

ووصف قرار حجب المواقع بـ"التعسفي وغير القانوني" وأنه خاطئ يجب التراجع عنه، مشددًا على أن المطلوب تعديل البنود التي تقيد حرية الرأي والتعبير في قانون الجرائم الإلكترونية.

وأكد رفض الهيئة أي قانون أو تشريع في انتهاك لحقوق الإنسان، مشددًا على ضرورة أن يكون القضاء مستقلًّا ويطبق القانون وتحترم حقوق الإنسان.