بين عشية وضحاها، تحولت المنطقة إلى أشبه بساحة حرب، جرافات وجيبات وسيارات من مختلف الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بمدينة نابلس يرافقها أفراد بلدية المحافظة، يشرعون في أعمال هدم لمحال ومطاعم تجارية في منطقة "رفيديا" مقابل جامعة النجاح الوطنية (الحرم الجديد) غرب المحافظة.
مشهد أعاد الأهالي وأصحاب المحال التجارية إلى ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من أعمال هدم وتدمير للمحال التجارية الفلسطينية بالقدس المحتلة، لكن الفرق أن الهدم كان بأيد فلسطينية، تخللها إطلاق رصاص استقرت إحداها في رقبة الشاب فراس الشايب (20 عاماً) الذي كان يمر من المكان. خبر كان كفيلا بنقل والدي الشايب إلى المشفى من هول وقعه كالصاعقة عليهما.
خلال دقائق، وقف محمد الشخشير صاحب مطعم "كوفي شوب" يعاين هو وعماله الدمار الذي حل بالمنطقة، وقد حاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الكراسي والطاولات والأدوات، ليجد نفسه أمام خسارة يقدرها بنحو 150 إلى 200 ألف شيقل.
عبر سماعة الهاتف يقول لصحيفة "فلسطين"، ومن خلفه صوت نقل معدات حيث يحاول عماله إصلاح المكان: "ما حدث معنا يشبه الحرب، أولا نحن لم نبن سورا قبالة الرصيف، ولم نغلق شارعا أو رصيفا، وأوضاعنا ليست منذ يومين أو شهرين بل هي على حالها منذ خمس سنوات".
"فجأة بدون سابق إنذار ولا إخطار مسبق أتوا بطريقة همجية لا ترتقي لأسلوب مؤسسة"، هكذا يصف المشهد، فلا يقل عدد الأشخاص من البلدية وأفراد أجهزة الأمن عن 200 شخص، ترافقهم أربع جرافات، مضيفا بنبرة صوت ممزوجة بالحسرة على ما حل به من حال لم يتوقعه يوما أن يكون بأيد فلسطينية: "لدي 12 عاملا ونعمل على فترتين، الآن سيتعطلون عن العمل فضلا عن خسارتي مبالغ كبيرة في عدة دقائق".
لم يكن محل الشخشير وحده الذي تعرض لعمليات الهدم، بل يضاف إليه 7 من أصحاب المحال التجارية الذين طالتها جرافات بلدية نابلس بحماية أجهزة أمن السلطة، واصفا ما حدث بـ"الاعتداء غير القانوني".
واستدرك "حتى لو هناك تعديات، فهناك عدة طرق لمعالجة الأمر، من خلال إعطاء الإخطار المسبق"، مؤكدا عدم وصوله أي إخطار شفهيا أو كتابيا، وأن عملية الهدم جاءت فجأة لم يكن يتوقعها أو مستعدا لها.
وقال واصفا ما حدث: "ذكرني بالمشاهد التي نراها على شاشات التلفزة لعمليات الهدم الإسرائيلية التي تحدث بمدينة القدس المحتلة".
فساد ونهب
محمد دويكات، عضو بلدية نابلس المبعد عن المجلس البلدي، يقول: إن هناك توجها من قبل البلدية بالحزم في إزالة التعديات.
وأضاف دويكات لـ"فلسطين": "أُبعدت عن بلدية نابلس بعدما كشفت قضايا فساد قبل عام، وحدثت ضجة كبيرة على إثر ذلك فيما يتعلق بممارسة بعض المسؤولين من نهب للمال العام والاستحواذ غير المشروع والمحاباة والمحسوبية، ورفعت تقريرا للجهات المختصة إلا أنه جرى إبعادي بعدما اكتشفت عملية تزوير أخرى والطلب مني التوقيع عليها".
وأكد أن الفساد ما زال مستمرا ومستفحلا في البلدية، بعد أن أقالوا وأبعدوا عضو مجلس بلدي آخر.
وبين أن البلدية بحاجة لإصلاح حقيقي، وهذا ما جعل نسبة التصويت في المدينة أقل المحافظات، ما أدى إلى تقاسم فترة رئاسة البلدية بين عدلي يعيش وسميح طبيلة والأخير تولاها بعد انتهاء فترة ولاية الأول قبل شهرين.
ولفت إلى أن "يعيش" كانت لديه سياسة عدم التدخل بهذا النوع من الهدم حتى لا يتم مقارنة البلدية بالاحتلال وأنها تمارس نفس الدور، لكن مرشح حركة فتح "طبيلة" أخذ توجها مختلفا عن سابقه بالحزم في إزالة التعديات.