لم يجد النائب في المجلس التشريعي من مدينة رام الله عبد الجابر فقهاء، بُدًا، بعد قطع السلطة في رام الله راتبه التقاعدي، في نوفمبر/ كانون أول من العام الماضي، إلا البحث عن مصدر رزق يكفل الحد الأدنى من العيش الكريم، والكفِّ عن سؤال الناس.
"بحثٌ" دار في ذهن النائب فقهاء في كل الاتجاهات، غير أنه استقر على اتجاه واحد، وهو العمل على سيارة أجرة لنقل المواطنين، من وإلى أعمالهم ومصالحهم في مدن الضفة الغربية، باعتباره "الحل المتاح".
وعلى بوابة فجر كل يوم وبعد صلاته حاضرًا في المسجد القريب من منزله، ينطلق فقهاء (53 عامًا) في رحلة العمل، يصل الساعة بالأخرى، ولا يعود إلى منزله قبل الساعة السابعة مساء، في عمل مرهق حتى للشباب صغار السن.
يقول: "قطع راتبي دون وجه حق، ولا مفر إلا أن أجد عملا في ظل الاحتياجات اليومية داخل الأسرة، والمسؤولية، حيث أخرجت رخصة قيادة السيارة التي أمتلكها منذ عام 1990، وجددتها، وأنا الآن عمليًا سائق سيارة أجرة".
وقبيل عمل النائب في التشريعي كسائق سيارة أجرة، لم يألو جهدًا في التواصل مع الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية لمعرفة الأسباب التي استدعتهم لقطع راتبه، إلا أن ما طرق من أبواب جميعها وقفت عاجزة عن إخباره بأي سبب، باستثناء بعض التقديرات الشخصية كون السبب عائدا للانتماء لحركة حماس.
ولم يجد النائب فقهاء لقرار السلطة قطع راتبه في نفسه تفسيرا محددا، إن كان انتقاميا، أو ابتزازيا، أو محاولة إذلال وتركيع، في وقت لا يستطيع أي من النواب المقطوعة رواتبهم السفر أو العمل بمهنهم السابقة، أو حتى تلقي الأموال من قطاع غزة أو الخارج، الأمر الذي يعرضهم للاعتقال في حال حدث.
وبناء على ما سبق، اضطر فقهاء إلى العمل على سيارة خاصة، كحل أخير للمشكلة، مع عدم مقدرته على إنشاء مشروع اقتصادي بديل في ظل عدم امتلاكه للأموال، إذ يقول لصحيفة "فلسطين: ""حتى لو أمتلك رأس المال؛ هنا لا أستطيع أن أنشئ أي مشروع مع مضايقة الاحتلال الإسرائيلي وغير الاحتلال".
ويضيف: "من حسن الحظ أنه كان لدي رخصة سيارة، فأي عمل آخر في أي مجال غير متاح، ومعظم النواب الذين قطعت رواتبهم لم يستطيعوا العودة لأعمالهم السابقة، وهم الآن فعليًا في وضع صعب وقاس للغاية ويعيشون على الاستدانة".
ووجدت حالة النائب فقهاء تفاعلا كبيرا في أوساط النشطاء، والكتّاب، والمسؤولين، إذ كتب المحامي مهند كراجه على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "قبل خمسة أيام تقريبا وأنا على مفرق المحكمة صباحًا، كان هناك أزمة سير, إذ بصاحب تكسي يفتح لي الطريق للمرور، ولوح لي بيده، وصعدت إلى داخل التاكسي لأجد السائق النائب في التشريعي الأسير المحرر عبد الجابر فقهاء".
وأضاف كراجه: "محزن جدا أن ترى مثل هذا المناضل يعمل على تاكسي (مع الاحترام لكل الأحبة أصحاب التكسيات) وقد انقطع به السبيل، لا راتب نائب ولا راتب أسير محرر، لا مؤسسة ولا شركة تحتويه لأنه ممنوع من العمل بسبب انتمائه السياسي، بينما نواب فتح واليسار لهم رواتب ومكاتب وحراس ومكانة اجتماعية".
كما كتب الناشط السياسي محمد دراغمة منشورا قال فيه: "عندما يعمل عضو مجلس تشريعي كسائق تاكسي بسبب قطع راتبه، اعرف ان البلد ليست للجميع".
وإلى جانب كون فقهاء نائبا في المجلس التشريعي، يعد من أبرز الوجوه الاعتبارية في المنطقة التي يقطن، ومدينته، وهو أسير محرر من سجون الاحتلال قضى عدة سنوات، وخاض في اعتقاله الأخير إضرابا مفتوحا عن الطعام استمر 40 يوما رفضا لاعتقاله الإداري.