فلسطين أون لاين

أطفال الإرادة .. من غيابة التوحد إلى نور الاندماج في المجتمع

...
جانب من الفعالية
غزة/آمنة المجدوب:

مهولةٌ هي معاناة أهالي الأطفال المصابين بالتوحد، فأقسى ما يمكن أن يصيب المرء عجزه عن مساعدة طفله، فـ كثيراً ما نرى من مرض التوحد محنةً و نقمةً تحل بالطفل وأهله، غير أن من يخوض غماره سيرى منه منحةً تُزيل المعاناة مع أول تفاعل للطفل.

لا بد للأطفال المصابين بالتوحد من الاندماج والانخراط في المجتمع، و ألا يكونوا في منأى عن الناس، و هذا ما فعله و سعى لأجله مركز الإرادة التخصصي لاضطرابات التوحد، وبالشراكة مع مؤسسة أمجاد للتطوير المجتمعي حيث نظموا حفل تخريج الفوج السادس لأطفال التوحد؛ لدمجهم في المدارس العادية.

بداية الحفل كانت بطيب تلاوة إبراهيم_ وهو أحد المصابين بالتوحد_ لسورة الفاتحة، وبرغم الصعوبة التي بدت على تلاوته إلا أن نورها كان ينساب إلى القلوب مباشرة.

وفي كلمةٍ له أوضح إسلام بركات مدير مؤسسة الإرادة، أنهم تمكنوا من تحقيق مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص بين الأطفال المصابين بالتوحد والأطفال العاديين، وذلك من خلال جلوسهم على مقاعد الدراسة ودمجهم في المدارس العادية، معتبراً ذلك من أرقى الانجازات التي تقدم على المستوى العالمي.

ودعا بركات إلى تسليط الضوء على قضية الأطفال المصابين بالتوحد، والذين يعانون من ضعف في قدراتهم العقلية والنفسية والحسية وكذلك الجسدية.

من ناحيته، أكد ياسين أبو عودة عضو مجلس إدارة جمعية أمجاد، على استمراريتهم في بذل جهود حثيثة ومتواصلة لتمكينهم ودمجهم في المجتمع، لافتاً إلى أن هذا الانجاز هو نقطة تحول في ظل الحصار والحروب التي يعانيها القطاع.

وفي كلمة الأهالي ألقاها عنهم محمود الصوير، حيث شكر المؤسسة على هذه اللفتات الإنسانية. وأوضح أنه برغم قلة الإمكانات و الصعوبات إلا أن المركز استطاع أن يترك بصمةً مع أطفالهم، مشيراً إلى سعادتهم من مثل هذه الانجازات و النقلات النوعية.

وبالعودة إلى إنجازات الأطفال، وفي ثنائيات كانت تجمع ما بين كل طفلٍ وطفلة، وعلى إيقاع "حلوة الدنيا حلوة" تراقصوا على أنغامها، ارتدى الأولاد منهم اللون الأبيض والبنات اللون الأحمر، وكأنما مثلوا عن أنفسهم بذلك فـ باللونين جمعوا ما بين النقاء والحب.

في كل طفلٍ ترى أثراً من الحب والإصرار الذي مكنه من الظهور برسوماته، ولكن "فادي" وهو أحد الأطفال المصابين بالتوحد كان يبدو عليه جميل هذا الأثر أكثر من سواه، فالابتسامة لم تفارق محياه ولم يكف عن التلويح بيده لوالده طوال وقوفه على المنصة، بنشوة المنتصر كأنه يخبره "ها أنا هنا ها أنا أستطيع".

وكان للتراث نصيب ارتسمت من خلاله ضحكات ما بين الأطفال وأهليهم، إذ أن الأهالي شاركوا الأطفال الرقص على إيقاع الدحية الفلسطينية؛ ليعلنوا أن أول الاندماج وأول الفرح لن يكون إلا معهم.

وفي حديثها لـ " فلسطين أون لاين" تقول أخصائية العلاج الفيزيائي إسلام عبد العزيز، إنها عملت على تدريب هؤلاء الأطفال على التمكن من الوقوف أمام الجمهور وهو الهاجس الأكبر الذي يخشاه الأطفال، حيث أنهم يفتقروا إلى مهارات التواصل الاجتماعي، معربةً عن مدى سعادتها بهذا التحدي و الانجاز"

أما والدة الطفلة لمى- المصابة بالتوحد- وبكلماتها المفعمة بالرضا قالت" شعوري ما بينوصف هذا اليوم أنا بستناه من زمان وما كنت متوقعة بنتي توصل لهنا".

واختتم الحفل أهالي الأطفال بتقديمهم الدروع للمركز، معبرين فيها عن مدى امتنانهم وفرحتهم بهذا الانجاز.