فلسطين أون لاين

إذا رضيتِ به ديناً وخُلقاً و لم تتقبليه.. لا تتزوجيه!

...
صورة تعبيرية
غزة/آمنة المجدوب:

يُعد القبول وفاق و تآلف قلبي بين طرفين ومبدأً أساسياً تقوم عليه الحياة الزوجية، فالزواج أمر غيبي لا يشترط فيه أن يؤَكَد القبول لمن هو صاحب دين و خُلقٍ حسن، و هذا ما يؤكده قوله ﷺ " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".

من السيء أن تقوم حياة الزوجين على غير قبول، ما يخلق جواً من النفور الذي يؤدي بالزوجة إلى كفران العشير والتقصير في حق الزوج والذي يتنافى مع التعاليم الإسلامية.

حياتهم مش حياتنا

"لن أجبر ابنتي على الزواج من إنسان لا تستطيع تقبله" كان هذا رأي أم عرفات بركات، و التي أكدت أنها ستمنح ابنتها الحرية بالقدر المحدود إلى جانب توجيهها نحو الخيار المناسب، لافتةً إلى خوفها من فكرة أن تكون سبباً في تعاسة ابنتها في حال أقنعتها وتزوجت به ولم يكن مناسباً كما كانت تعتقد.

أما أم محمد الطويل كان سبب خوفها مخالف بعض الشيء لسابقتها، حيث أوضحت أنها ستعطي ابنتها حرية الاختيار ولن تجبرها على من لا يقع في قلبها وتتقبله، وفي بنهاية المطاف ابنتها من ستعيش معه وليست هي، لكنها ستحذرها من فكرة العنوسة و فوات القطار والفرص التي لا تُكرر.

عواقب وخيمة

ف.م (21 عاماً) بدأت حديثها بالتأكيد على امتلاكها حرية الاختيار، لكن سُرعان ما تناقض هذا التأكيد مع ما يوجهه لها أهلها من تهديد لفظي وامكانية وضعها تحت الأمر الواقع في حين رفضها من يرونه مناسباً قائلين "هذا مش اختيارك اختيارنا".

وبدورها س.ح (25 عاماً) كانت مثالاً واقعياً يثبت أن الاستمرارية في معاملة الزواج مع عدم قبول البنت قد لا يكون سوى تأخير مؤقت لنتائج لا تُحمد عقباها.

تقول س.ح، جاءها خاطب قُبل به ديناً و خلقاً وشكلاً من أهلها بينما هي لم تتكن لتتقبله، فرفضته في بادئ الأمر، لكن ما كان من أهلها إلا أن أجبروها عليه، لتبدأ حياةً تعيسة معه قضت معظمها "حرد" في منزل أهلها إلى أن فاض بها الكيل لترفع قضية خلع ضد زوجها وتنهي قصتها بالطلاق.

مودة و رحمة

تحقق المودة و الرحمة هو مقصد عظيم من مقاصد الزواج بدليل قوله تعالى" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" هذا ما استهل به أستاذ الفقه وأصوله في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأقصى د. بسام العف حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، فالزواج عقدٌ مؤبد وهو ما كان له مقدمة دون غيره من العقود وهي "الخطبة" و التي تهدف إلى معرفة القبول بين كلا الطرفين.

وقال العف الذي يترأس لجنة الإفتاء في جامعة الأقصى إن "قضية عدم قبولها بعد أن تعرفت عليه و تعرف عليها وعرفت أخلاقه وعرف أخلاقها ولم يولد شعور القبول لديها و هذا الأمر سيعكر صفو حياتهما الزوجية"، مُشيراً إلى قضية الخلع في الشريعة الإسلامية والتي تفارق فيها الزوجة بعوض، فيأخذ الزوج عوضاً ويفارق زوجته، سواء كان هذا العوض هو المهر الذي كان دفعه لها أو أكثر أو أقل .

واستشهد بحديث امرأة ثابت بن قيس حين أتت النبي ﷺ ، فقالت : يا رسول الله ، ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر(يقصد بالكفر: قباحته) في الإسلام . فقال لها النبي ﷺ: أتردين عليه حديقته ؟ . وكان قد أصدقها حديقة . قالت : نعم . فقال النبي ﷺ :"اقبل الحديقة ، وفارقها ".

وأكد أن الأصل ألا تستعجل الفتاة بالرفض وينصحها بالمشاورة و الاستخارة في أمرها، مشدداً على أنها إن لم تألف وتتقبل الخاطب ذو الدين و الخُلق الحسن على ولي أمرها اعتماد ذلك و ترك حرية الخيار لها دون الضغط عليها. لافتاً إلى العاقبة الوخيمة " الطلاق" التي قد تعود على الفتاة و أهلها بالضرر في حال أجبروها عليه.

واختتم العف حديثه برأي بعض العلماء ممّن أجازوا إجبار الفتاة على الزواج بشرط أن يكون المُجبر الأب، إضافةً إلى كونه على يقين أنه الأنسب لها و هي غير مدركة لذلك.