فلسطين أون لاين

​كُن إيجابيًّا

الإيجابية عطاء بلا انتظار، وابتسامة بلا انقطاع، وإقبال روح على قطرات ندى منسدلة على وجنتيك، على جفنيك لتكتسب عبيرها وتحافظ على رونقها، الإيجابية أنت.

الإيجابية أسلوب حياة، الإيجابية ليست شعارًا يطلق، ولا كلمات تُغنى، بل هي قيمة ومعنى، فهي تبني الحضارات وترسخها، وتكتشف القدرات وتعززها، لتفرض واقعًا جديدًا، ومستقبلًا فريدًا، مداده من نور، وصفحاته صدور شباب قلوبهم مضيئة بالعزة والرغبة في العطاء والحياة بل حيوات عديدة لنفسك ولمن حولك.

وقديمًا قالوا: من يرد أن يعيش أكثر من حياة فليقرأ كتابًا، وأقول من يرد أن يعيش خالدًا فليعش لغيره وليفتح أبواب الخير للأحباب، فالإيجابية أن تعيش للآخرين، بل أن تعيش في قلوبهم وتفاصيل حياتهم، لتضيء لهم سبيلًا يخرجهم من الظلمات أولًا، وتكون لهم زادًا في عناء الطريق وصولًا إلى تحقيق طموحاتهم وأمانيهم، فتصبح جزءًا من إنجازهم وصانعًا له، بل أنت النجاح ذاته.

لكن السؤال الكبير: كيف؟، وما السبيل؟، معذرة، صديقي، أنت العنوان والتفاصيل، وبين ضلوعك السر كامنًا، فلن تضيء طريق الآخرين وعيونك مقفلة، وقلبك مكبل مغلق، ويضيق صدرك بالهموم والأعباء والأثقال، ففاقد الشيء لا يُعطيه، فابدأ بنفسك، يا عزيزي، وتعلم كيف تُشرق قسمات وجهك معشمس كل صباح، وبزوغ قمرك في سواد الليل ليبدد ظلمتك، وكن شمسًا تُزين الأيام وعنوانًا لها، حينها فقط تستطيع أن تكون إمامًا ومؤثرًا بمن حولك ومقنعًا لهم، ودرسًا عمليًّا لهم، بل نموذجًا يحتذى به بإيجابية عالية.

الإيجابية مهارة مثل المهارات الأخرى التي تكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر كله يندرج تحت عاملين أساسيين، هما: طريقة التفكير وطريقة التصرف، وكلاهما قابل للتغيير والتطوير، والإيجابية مزيج من أسلوب تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها، وينبغي أن يدرك الشخص أفكاره وسلوكياته، ويتجنب سلبيتها عليه بالعمل على إحلال مكانها أخرى إيجابية، فبدلًا من أن يفكر الشخص في الفقر عليه بالتفكير في الثروة، وبدلًا من أن يردد كلمة التجاهل عليه فهم ما يحيط به والعمل على إدراكه، وبدلًا من أن ينتقد القيود عليه بالبحث عن الحرية، ولابد أن يردد دائمًا الكلمات الإيجابية بينه وبين نفسه: "أنا أستطيع"، و"أنا قادر على"، و"من الممكن أن" ... وهكذا من التعبيرات التي توحي بالإيجابية لصاحبها ولغيره من المحيطين به حتى لا تتسلل روح اليأس التي تنتابه إليهم؛ فالعقل يقبل ما بعد الأنا، ونحن نخلق بداخل عقولنا نوعية الحياة التي نرغب، فإذا كان التفكير إيجابيًّا فسوف تتحول حياتنا إلى الإيجابية تلقائيًّا، صحيح أن الشخص ليس بوسعه التحكم في الظروف والأحوال الخارجية، لكن بوسعه التحكم في نفسه وفي عالمه الداخلي.

فالإيجابية عطاء بلا حدود، وتوكل على المعبود، فاعقد النية وابحث عن مكنون وقدرات دفينة بين جنباتك، وأعد اكتشاف نفسك من جديد، وجند واحدة فقط ووظفها لخدمة من حولك، أو ساهم بفكرة هنا أو هناك، وكن عنوانًا حينًا، وجنديًّا مطيعًا حينًا آخر، وابتغِ مرضاة الله وانتظر الأجر والشكر من ربك؛ فذاك الإيجابية بعينها.