فلسطين أون لاين

​اليهود الشرقيون.. خدمٌ للطبقة "الملكيّة" في (إسرائيل)

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

"التمييز العنصري بين مكونات المجتمع الإسرائيلي" سياسة انتهجتها السلطات الحاكمة في دولة الاحتلال منذ إنشائها على أنقاض فسطين عام 1948م، وذلك في أعقاب هجرة الصهاينة من مختلف الدول إليها، لاسيّما تجاه اليهود الشرقيين الذين ترجع أصولهم لدول عربية.

وبدأت هجرة اليهود من دول عربية إلى فلسطين المحتلة خلال السنوات الأربع التالية لعام 1948م، وقد أتت الغالبية الكبرى من هؤلاء من اليمن والعراق وشمال إفريقيا، فحتى عام 1952م كان لا يزال يعيش في دول الشرق الأوسط نحو ثلاثة أرباع مليون يهودي.

وقد تكون هجرة يهود اليمن إلى فلسطين هي الأقدم على الإطلاق، فقد بدأت في القرن التاسع عشر، واستمرت على دفعات وموجات، ليبلغ عدد اليهود اليمنيين في فلسطين حتى عام 1948م نحو 15 ألف يهودي.

ولا تزال تخيّم سياسة التمييز العنصري من السلطات الحاكمة في دولة الاحتلال ضد اليهود الشرقيين حتى يومنا هذا، وفق ما أكد متابعون للشأن الإسرائيلي.

أبرز الممارسات

المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي أكد أن فكرة جلب يهود شرقيين إلى (إسرائيل) كانت مبنية أساسًا على تمييز عنصري، لأن الهدف منها استغلالهم بالأعمال الشاقة في المجتمع الإسرائيلي، مثل البناء.

وأوضح مجلي خلال حديثه إلى صحيفة "فلسطين" أن المهاجرين اليهود الشرقيين كانوا يجلبون من معابر ذات مستوى متدنٍّ، لا تتوافر فيها أدنى الخدمات، خلافًا للمهاجرين الذي يأتون من الغرب.

وأشار إلى أن الاحتلال سرق أطفال اليهود الشرقيين وباعهم للعائلات القادمة من الدول الأوروبية في تلك المدة، لافتًا إلى أن سياسة التمييز العنصري ضد اليهود الشرقيين لا تزال مستمرة.

وبيّن مجلي أن حكومة الاحتلال حاولت سلخ اليهود الشرقيين عن جذورهم العربية، ومنعتهم من سماع الموسيقا العربية، بدعوى أنهم سيلتحمون مع إخوانهم اليهود، "لكنّ هذه السياسة فشلت"، وفق قوله.

وأضاف: "إن الطابع العربي كان ولا يزال متجذرًا في قلوب كثيرين من اليهود الشرقيين، وإنهم يعتزون بلغتهم العربية، خصوصًا اليهود العراقيين".

ونبه إلى أن اليهود الشرقيين يحاولون إيصال حالة التذمر التي يعيشون فيها بنشاطاتهم على الأرض والدفاع عن العرب؛ تعبيرًا عن رفضهم سياسة حكومة الاحتلال، وللمطالبة بإنهاء هذه الظاهرة.

ليست جديدة

إلى ذلك، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي: "إن النظرة العنصرية من دولة الاحتلال إلى اليهود الشرقيين ليست جديدة، إذ تنظر إليهم الصهيونية أنهم مثل العرب، وأنهم خدمٌ للطبقة "الملكيّة" في (إسرائيل)".

وذكر الرفاتي لـ"فلسطين" أن بداية التمييز ظهرت في المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة "بازل" السويسرية، عندما عارض العديد من الصهاينة فكرة إدخال هؤلاء اليهود إلى المستوطنات.

وأضاف: "بسبب الظروف والعوامل في تلك المدة اضطر الصهاينة إلى استقطابهم بأعداد كبيرة، لكنهم كانوا يدّعون أن ليس لليهود الشرقيين أي ثقافة أو تاريخ"، مشيرًا إلى أنهم عمدوا إلى استثنائهم من جميع المنافع والمكاسب الممنوحة لليهود الأوروبيين.

وبحسب حديث الرفاتي، إن حكومة الاحتلال منعتهم أيضًا من امتلاك الأراضي أو الانضمام إلى المنظمات التعاونية، وبذلك أصبح اليهود الشرقيون يشكّلون طبقة عمالية كادحة.

ولفت إلى أن حكومة الاحتلال وضعت يهود البلاد العربية في معسكرات صهيونية سيئة في البلدان التي كانوا يقيمون فيها، استعدادًا لنقلهم إلى فلسطين المحتلة، وحين وصولهم فُرِّقوا رغم رغبتهم في البقاء معًا، وبهذا بدأ التمييز العرقي ضد اليهود الشرقيين، واستمر في التوسع حتى اليوم.

وبيّن الرفاتي أن الاحتلال ينظر إلى انتماء اليهود الشرقيين لـ(إسرائيل) على أنه أقل من الغربيين، خاصة أن طباعهم وعاداتهم قريبة من العرب كثيرًا، "وهو ما شكّل تخوفات لدى زعماء الصهيونية بأن تصبح (إسرائيل) دولة ذات طابع شرقي".

ويرى عدد من المثقفين من اليهود الشرقيين أن طائفتهم هي ضحية للصهيونية، تقول إيلا حبيبة شوحيت أستاذة الدراسات الثقافية والنسائية في جامعة نيويورك، التي اختارت الهجرة من فلسطين المحتلة؛ احتجاجًا على سياسة التمييز ضد اليهود العرب: "ينبغي أن ننظر إلى النتائج السلبية للصهيونية، ليس على الشعب الفلسطيني فحسب، بل أيضًا على اليهود الشرقيين الذين يشكلون الآن أكثرية السكان اليهود في (إسرائيل)".