لا أعتقد أن غالبية سكان قطاع غزة يتمتعون بجودة الحياة التي أقرتها منظمة الصحة العالمية أو نادت بها الاتفاقيات والقوانين الدولية.
ويعتبر الأشخاص ذوو الإعاقة وهم جزء أصيل من مكونات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من بين الفئات المجتمعية التي تعاني من غياب جودة الحياة، الأمر الذي جعل ما نسبته نحو 95% منهم ليس لديهم أفق واضح في الحياة فضلاً عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والحياتية الصعبة كما يمكن تصنيفهم من أكثر شرائح المجتمع الفلسطيني هشاشة وحرماناً من أساسيات الحياة.
ويمكن تعريف جودة الحياة لاسيما للأشخاص ذوي الإعاقة بأنها ضرورة استثمار إمكانية الفرد وطاقاته وإدراكه للنسق القيمي والثقافي للمجتمع الذي يعيش فيه كوجه آخر لتحقيق استقلالية الشخص ذوي الاعاقة، والتي من شأنها أن تساهم في تحقيق معاش نفسي واجتماعي ومهني والتكييف الايجابي مع الإعاقة مهما كانت طبيعة هذه الإعاقة.
ومن هنا فإن مفهوم الجودة يطلق أساسًا على الجانب المادي والتكنولوجي ولكنه لقي رواجاً كبيراً كمفهوم للدلالة على بناء الإنسان ووظيفته ووجدانه بحيث تعبر جودة الإنسان على حسن توظيف امكانياته العقلية ومشاعره وقيمه الدينية والاجتماعية والإنسانية وإثراء وجدانه ليتسامى بها وتتحقق جودة الحياة وجودة المجتمع.
وتعرف منظمة الصحة العالمية "جودة الحياة" بأنها مفهوم واسع جدًا يتأثر بشكل كبير بصحة الفرد وحالته النفسية وعلاقاته الاجتماعية ودرجة استقلاليته وعلاقته بالعوامل الأساسية المحيطة فهو يعتبر محل المصادر والطاقات الاجتماعية الشخصية والاجتماعية الفردية لفرد ما، كي يحقق طموحاته ويشبع حاجاته.
مقومات جودة الحياة
أما مقومات جودة الحياة فيمكن تلخيصها بأنها إدراك الفرد لمكانته في الوجود، وفي إطار الثقافة ومفهوم واسع بشكل لأنه يضم الصحة الجسمية للفرد وحالته النفسية ودرجة استقلاليته، علاقاته الاجتماعية وأيضًا علاقاته بالعناصر الأساسية لمحيطه".
ومن عناصر جودة الحياة، الحالة الجسمية الكفاءات الوظيفية والحالة النفسية والحالة الاجتماعية، والحالة الاقتصادية أما أبعادها فتتعلق بالحالة الجسمية للفرد الاستقلالية والقدرة الجسمية وأحاسيسه الجسيمة.
وللحديث عن دور جودة الحياة في تحقيق استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة، فيمكن القول إن جودة الحياة هي إدراك الفرد لمكانته في الوجود في النسق الثقافي ونسق القيم والمعايير الذي يعيش فيها في علاقاته بأهدافه وانتصاراته، قيمه اهتماماته ومخاوفه".
وبحسب هذا التعريف المتداول وفق بنود وشروط حقوق الإنسان، فإن تقدير جودة الحياة يتطلب الاهتمام بكافة إدراكات وأحاسيس وانفعالات وأفكار الأشخاص ذوي الإعاقة، وكافه نشاطاتهم وأفعالهم ونجاحاتهم والأحداث والعوامل المؤثرة فيها. وبشأن التطرق إلى العلاقة بين صحة الأشخاص ذوي الإعاقة وجودة حياتهم يجب الإشارة والتأكيد على أن هناك تكامل بين صحة الشخص ذي الإعاقة وجودة حياته فبدلاً من الاهتمام بتوفير الرعاية الصحية فقط فأنه يجب الاهتمام أيضًا بمعاشه النفسي والاجتماعي والاقتصادي، كما يجب تحقيق العدل والمساواة في توفير حياة طبيعية كريمة لكافة فئات المجتمع.
إن استقلالية الشخص ذي الإعاقة بنفسه تتحقق بعد اكتشاف نقاط القوة وتعزيزها ونقاط الضعف وعلاجها لكي يصبح إنسانا منتجًا، ويخرج من الدائرة التي جعله فيها المجتمع مجرد عالة عليه.
تحقيق التوافق الاجتماعي
إن تحقيق التوافق الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة يتحقق بشكل كامل من خلال إكسابهم المهارات التي تمكنهم من الحركة النشطة في البيئة المحيطة و الاختلاط والاندماج في المجتمع فإشباع احتياجاتهم النفسية من الأمن والحب والتفهم والثقة بالنفس والتقليل من شعورهم بالقصور والعجز والدونية وإكسابهم بعض من المهارات اليدوية والخبرات الفنية المناسبة وتحقيق الكفاءات الثلاثة الشخصية والاجتماعية والمهنية من خلال الاستقلالية والاعتناء بالنفس غرس الأنماط السلوكية للتفاعل.
من هنا، نؤكد أن تحقيق جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة يأتي من خلال تحقيق استقلاليتهم وتيسير مشاركتهم في الأنشطة الأسرية والاجتماعية والعمل على تسهيل وصول الأطفال ذوي الاعاقة إلى المدارس الاعتيادية بدون عوائق ودعم فرص الأشخاص ذوي الاعاقة في عالم التشغيل والتدريب المهني ومحاولة إقامة مشاريع صغيرة للأشخاص ذوي الإعاقة أيضًا.
كما أن التأثير الكبير في سياسات وتشريعات تلبية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يساهم وبشكل كبير في وصولهم إلي حياة ذات جودة عالية.