فلسطين أون لاين

​الوقائع على الأرض.. "صفقة القرن" تُطبَّق قبل الإعلان عنها!

...
صورة أرشيفية
غزة/ خضر عبد العال:

منذ نهاية عام 2017 كثر تداول الصحف الدولية والعربية والعبرية مصطلحًا جديدًا أُطلق عليه "صفقة القرن"، وقالت عنها الصحف الأمريكية إنها شراكة إقليمية دولية من أجل تحقيق التسوية الدائمة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، على طريقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبدأت تفاصيل الصفقة تتسرب بعد زيارات عدة في المنطقة قام بها عرّاب الصفقة جاريد كوشنير، صهر ترامب.

وتطرح الصفقة، وفقًا للصحف الأمريكية، "ضم" القدس المحتلة كلها لـ"سيادة" الاحتلال، وإسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضم مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة إلى سيادة الاحتلال كذلك، والسماح بحكم ذاتي للفلسطينيين على الأجزاء المتبقية من الضفة، والسماح بكيان فلسطيني على قطاع غزة وأجزاء من شمال سيناء المصرية.

وبدأت أول مجريات ووقائع هذه الصفقة تطبق في ديسمبر/ كانون الأول 2017، عندما أعلن ترامب القدس المحتلة "عاصمةً" مزعومة للاحتلال، تلا ذلك نقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى القدس في مايو/ أيار 2018، تزامنًا مع الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية.

وفي يونيو/ حزيران 2018 أعلنت السفيرة الأمريكيةلدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، انسحاب بلادها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ بذريعة ما أطلقت عليه "التحيز ضد (إسرائيل)".

ثم جاء إعلان واشنطن إلغاء الدعم الأمريكي لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في سبتمبر/ أيلول 2018، تلاه مصادقة "الكنيست" الإسرائيلي في يوليو/ تموز الماضي على "قانون القومية" أو "يهودية الدولة" الذي ينص على أن "حق تقرير المصير في (إسرائيل) يقتصر على اليهود"، وأن "القدس الكبرى والموحدة عاصمة (إسرائيل)"، بالإضافة لإقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية.

كما اعترفت الولايات المتحدة في مارس/ آذار الماضي، بـ"سيادة" الاحتلال الكاملة على مرتفعات الجولان السوري المحتل، التي استولى عليها من سوريا عام 1967 وضمها إليه في 1981، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.

وليس انتهاءً بتصريح السفير الأمريكي لدى الاختلال ديفيد فريدمان، لصحيفة "نيويورك تايمز"، مطلع يونيو/ حزيران الجاري بأن "(إسرائيل) تمتلك الحق في ضم جزء من أراضي الضفة الغربية".

امتداد لمؤامرات التصفية

الباحث في الشأن الفلسطيني ومدير مركز القدس للدراسات عماد عواد، عد هذه المجريات "تطبيقًا عمليًّا على أرض الواقع لصفقة القرن" قبل الإعلان عنها.

وأوضح عواد في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن "صفقة القرن" هي سياسة قائمة "تكميلية" لاتفاق أوسلو عام 1993، أي أن الإدارات الأمريكية المختلفة بالتعاون مع الاحتلال، بدأت بتطبيق الصفقة منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا.

وقال إن الإدارات الأمريكية هي إدارة مؤسسات ليست مرتبطة بالأفراد، لكن الفرق في التعامل الأمريكي كان بين الرؤساء المتعاقبين، بمعنى أن ترامب تعامل بصراحة مع الأوضاع في الشرق الأوسط، ومنح القدس عاصمةً مزعومة للاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها، ومنحه ضم أراضي الضفة المحتلة والجولان، وما زال يدعمه صراحةً.

ولفت إلى أن هذه التصريحات الأمريكية كانت موجودة، لكن من تحت الطاولة، فاليوم ترامب نفسه من يفرض على العرب الذهاب إلى التطبيع مع (إسرائيل)، والإدارة الامريكية تتعامل اليوم بوقاحة ولا تحترم عبيدها في المنطقة ولا تعطيهم الغطاء ليتستروا به أمام الشعوب.

وأضاف أن الإدارة الأمريكية هي من تفرض الرؤية السياسية التي تريدها على جميع الأطراف.

ويرى أن "صفقة القرن" هي امتداد لكل المؤامرات التي استهدفت القضية الفلسطينية منذ تسعينات القرن الماضي حتى اليوم، حيث تسير المخططات بوتيرة منضبطة ومدروسة، مستدلًا بالقول: "لماذا استُثنيت 60% من أراضي الضفة الغربية في اتفاق أوسلو؟ هذه الـ60% التي يُراد ضمها اليوم ضمن الصفقة الأمريكية".