فلسطين أون لاين

د. السوسي: عليه أن يستعد عقديًّا قبل السفر

​ماذا يتعين على المسلم المسافر إلى بلاد الغرب؟

...
غزة - آلاء المقيد

بينما يتطلع فئة من الشباب المسلمين للسفر إلى بلاد الغرب, لأجل التعلم أو العمل؛ يغفل الكثير منهم عما يجب فعله قبل السفر من إعدادٍ وتأهيل عقدي للثبات في وجه العاصفة الفكرية التي سيواجهها بمجرد الوصول إلى هناك, فضلًا عن جلسات النقاش التي سينجّر إليها بشكلٍ أو بآخر مع غير المسلمين, فكيف سيواجه المسلم كل ذلك، إن لم يكن لديه مخزون ثقافي وعقدي؟، وماذا يجب على الجاهل بأمور دينه أن يفعل أمام أعداء الإسلام؟, وهل يجوز شرعًا لمن لم يأمن على نفسه من الفتن السفر؟

د. ماهر السوسي عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية يقول: "المسلم هو مسلم أينما حلّ وارتحل, فأي إنسان مسلم يحمل عقيدة الإسلام مطالبٌ بالحفاظ على هذه العقيدة, وإحكام سلوكه وتصرفاته وفقًا لها".

ويُشير في حديث مع فلسطين إلى أن المسلم مكلفٌ بفعل ما أُبيح له شرعًا, وبترك ما حُرّم عليه، هذا إجمالًا، سواء أكان في بلاد الإسلام أم غير بلاد الإسلام.

لكن ماذا يستجد حين يذهب المسلم إلى بلاد الغرب؟، يكمل حديثه: "البيئة تختلف وظروف الحياة والفكر كذلك, وليُحافظ المسلم على دينه وعقيدته يجب أن يكون بدايةً أكثر اقتناعًا بأنه على الحق, وأن عقيدته هي الصواب، ويكون متقينًا أن الأحكام والتكاليف الشرعية التي يقوم بها قادرة على ضبط سلوكه وتصرفاته في كل مكان وزمان".

ويبين أن كل من أراد السفر إلى بلاد غير المسلمين عليه أن يلتفت إلى منظومة القيم والأخلاق التي قررها الإسلام ويظّل متمسكًا بها, فلا تختلف الأحكام في بلاد المسلمين وغيرها, لكن ما يختلف هو شدة تمسك الشاب المسلم بها في بلاد الغرب.

وينبغي أن يكون لسفر المسلم هدف مشروع يسعى إلى تحقيقه, وأن يتحلى هذا الشاب بقوة إرادة لضبط النفس والثبات على أحكام دينه، حسبما يقول د. السوسي، ويعقب: "هذا أمرٌ ليس سهلًا، وهو بحاجة لإعداد نفسي وعقدي قبل السفر من جهة, وفحص الثقافة والمعرفة بأحكام الشرع من معاملات وفقه الأحوال الشخصية، وحقوقه وواجباته تجاه دينه من جهة أخرى".

وفي معرض حديثه عن النقاشات الفكرية التي ينجرّ إليها المسلم مع غير المسلمين يقول: "على المسلم المغترب الذي سافر دون إعداد عقدي وفقهي ألا يضع نفسه في دائرة الحرج، ويدخل في نقاشات دينية مع المستشرقين والمبشرين الأجانب, فانسحابه من حلبة النقاشات واجب؛ فهو غير مطالب بالدفاع عن الإسلام دون فهمه به".

وعن سؤالي عمن لم يأمن على نفسه من الفتن التي تنتظره في بلاد الغرب يجيب: "هذا لا يجوز له السفر إلى بلاد الغرب، لأنه سيرتكب المعاصي قولًا واحدًا, والمسلم منهي عن ذلك".

ويضيف: "بلاد الغرب بصِفة عامة السِمة الغالبة فيها إباحية في كل شيء, وعلى ذلك هو متاح له فعل كل شيء دون أن يلومه أحد، وهذا السِمة تُسهل له الوقوع في المعاصي والحرام"، متابعًا: "وعلى الشاب المسلم أن يكون مقتنعًا أن دينه هو دين العصر والشمول لكل زمان ومكان, والواقع أثبت أن الدين الإسلامي وضع أحكامًا لكل المستجدات الحياتية, فلا ينساق وراء ما هو مستورد من الغرب".

وكثيرًا ما نقرأ لكتّابٍ يُدونون تجربتهم في السفر ليطلعوا عليها متابعيهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي, يقول أحد الكتاب الأردنيين من أصل فلسطيني أن ضيافة عائلة يهودية له في ألمانيا وتعاملها معه لخصا له فكرة كيف يمكن للمرء من سلوكه أن يكون داعيًا للفكر الذي يؤمن به, على ذلك يُعقّب د. السوسي: "فعلًا هذا صحيح؛ فالداعية الناجح هو من يدعو إلى الله دون أن يتكلم, بسلوكه وتصرفاته التي تحمل قِيم دينه، فإذا حسن إسلام المرء كان أفضل داعية إلى الله (سبحانه وتعالى)".