بعد كل خطاب أو اجتماع يعود رئيس السلطة محمود عباس لتهديد غزة بعقوبات أشد، ويستعرض ما يُقدَّم لها من الميزانية العامة بنوع من المبالغة الكبيرة.
ويتساءل من المسؤول عن استمرار الانقسام وعدم تحقيق المصالحة؟!
ثم نتابع التساؤلات:
هل عباس ممكن أن ينفذ تهديداته؟
وقد أثبت في الماضي فيما يتعلق بالشأن الداخلي أنه قام بتنفيذ كل ما توعد به، وثبت أنه كان يستخدمه تهيئةً واستعدادًا لما هو آت، ولَم يعد محل تساؤل؛ فعندما يتحدث عن قرارات صعبة للغاية في الأيام القادمة ربما تدخل في مخ وعقل قدرة القطاع على الحياة في أمور فصلت ما بين العصر الحديث والقديم، وتضع غزة أمام خيارات الموت جوعًا وانفصالًا عن باقي المعمورة بفقدان مواطنيها الصفة القانونية والسياسية، فيعجز التاجر عن نقل تجارته والمسافر المريض والطالب والزائر وصاحب الحاجة إذا فقد الهوية والأهلية القانونية الخروج من المعابر والسفر من المطارات، وخيار الحياة دون قبول ما سيُفرض نتاج هذه السياسة إنما البقاء والتشبث بالرسالة والأمانة تجاه الوطن والقضية، فقانون الحياة أقوى من سياسة الموت والقهر الصادرة من المقاطعة.
هذا الخيار الصفري مؤجل لبعد الانتخابات سيُلقى في وجه نتنياهو في حال فوزه، ظنًا من عباس ومستشاريه أن ذلك سيزعج نتنياهو ولا يدخل في صميم سياسته وسياسة الولايات المتحدة، وفِي المقابل رسالة واحدة لحزب أبيض أزرق سياسة عباس في حال فوزه ستقوم على أساس أن السلطة مسيطرة في غزة بكل الوسائل ومهما كلف ذلك من ثمن.
أستغرب من الذين يتساءلون أن عباس يتردد فيما يهدد فيه، واستغرابي أكبر عندما يعتقدون أن حركة حماس ستخضع من هذه الإجراءات، فلن تختار الموت إلا بثمن الحياة الكريمة، وقد ولى زمن العلقمي، وسيتحمل عباس وحركة فتح هذه المرة بشكل أكبر مسؤولية انقسام الضفة عن القطاع انقسامًا سياسيًا وجغرافيًا لا يمكن أن يلتحم في ظل وجود عباس.
لن تتردد الولايات المتحدة ولا (إسرائيل) في استغلال إجراءات عباس القادمة وتوظيفها لخدمة رؤيتها لتصنع واقعًا يسهل عليها ما تسعى لتنفيذه إلا الوحدة والوحدة لا تعني التنازل عن أدوات بمقدرات طرف لحساب الآخر، إنما تكتيل ما لدى الشعب الفلسطيني في خدمة مواجهة صفقة القرن مواجهة حقيقية يتبع الرفض إجراءات على الأرض وفعل حقيقي.
الشعب الفلسطيني لا يملك في الوقت الحاضر فوق حقه وعدالة قضيته إلا سلاح المقاومة، هذا هو السلاح الأقوى والأمضى، سيمنع انهيار خزان الثورة وبركانها، وفلسطين من التصفية، وإذا رئيس السلطة تجاهل هذه الحقائق فالجيش والأجهزة الامنية الاسرائيلية لا تتجاهلها.
فيا أيها الفلسطينيون إذا كان ربابين السفينة لا يملكون إرادةً وطموحًا فستكون السفينة خاملة عاجزة عن الإرساء، ولن تصل إلى بر الأمان، هذه مسؤولية وطنية تجاه فلسطين والمقدسات واللاجئين، استمروا في استنزاف عدوكم ولا تترددوا، واعلموا أن بوصلة صنعت للفلسطينيين لا تؤشر لفلسطين من بحرها إلى نهرها لا تعبر عنهم ولا تحدد مسارهم.
وأنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله.