الشهيد أبو محمد الجعبري شخصية فريدة وتجربة مميزة سطع نجمه في سجون الاحتلال عندما مثل الجماعة الإسلامية أمام إدارة القمع والإجرام الصهيونية.
لقد دافع عن حقوق الأسرى بصلابة ومثّلهم بأمانة خاصة بعد تبادل ال85 عندما انقضت إدارة السجون على الأسرى وأرادت إذلالهم على العدد الصباحي والمسائي ؛ حيث رفض الأسرى الاستسلام بالوقوف عند العدد بطريقة مذلة.
هذا الرفض الذي استمر شهورا عديدة واكبته حملات قمع وعدة رشات بالغاز والضرب بالهراوات وإغلاق الغرف عليهم لأشهر دون الخروج منها إلا مقيدين يلفهم عشرات الجنود والسجانين.
هذه المرحلة العصيبة والمواجهة الشرسة مثّل الحركة الشهيد أبو محمد، لم يتهاون في التعبير عن الموقف أمام قيادة مديرية السجون حتى نقلت الأخيرة المعركة إلى أروقة المحاكم الصهيونية حتى تبت في القضية وتعفي مديرية السجون من تبعاتها، فعندما استدعت المحاكم رموز الجماعة إلى المحاكم رفضوا الوقوف أمام القاضي فحكم لصالح مديرية السجون، حيث اشتاطت غضبا وكانت تتوقع أن يقفوا وتنتهي بقرار لصالحهم.
لقد قال لي ضباط وسجانون عايشوا تلك الفترة في سجن عسقلان بأن الجعبري شخصية فريدة لم نصطدم بشخص يماثله بالصلابة والحدة.
لقد مثَّل الشهيد جزءاً من حالة الردع ليس في داخل السجون فقط، إنما خارجها، عندما التحق بكتائب القسام بعد الإفراج؛ حيث فسح له القائد العام أبو خالد الضيف -حفظه الله- عندما فهم أي قائد أمامه مجالا واسعا ومكانا مهما في الكتائب؛ حيث مثل حلقة الوصل بين الجهاز العسكري والمستوى السياسي، وأتقن لعب هذا الدور من خلال نقل قوة وتأثير القسام خدمة لمشروع التحرير ليرفع من سقف وهمة السياسيين وهو يمثل جهازا خاضعا مؤتمِرا لقرارهم، من ناحية قوة تسهل اتخاذ القرارات وترفع الطموحات، ومن جهة ثانية طمأنينة في التنفيذ والاستجابة للقرار.
لقد مثل أبو محمد روح القوة الضاربة لدى العدو ومثل روح الأخوة الحانية أمام الفلسطينيين.
شديد على الأعداء رحيم بالأبناء
لقد أجمع قادة العدو أنه رجل يلتزم بمواقف المؤسسة العسكرية التي يعبر عنها، فجعل القدرة على الاتفاق مع هذا (العدو) من وجهة نظرهم ذات مصداقية إذا قال نعم.
لروحك الطاهرة يا صاحب الجناحين الشديد والرؤوم ألف سلام.
لقد أسرت قلوب الأسرى المحررين ولم تكن يوما منشغلا عنهم رغم انشغالك في الجانبين العسكري والسياسي، فما احتاجوك إلا ووجدوك.
أبو محمد ابن المؤسسة العسكرية ورئيس أركانها أسهم في بناء مؤسسة راسخة متينة تحتضن كل قادتها وقياداتها، وتفسح المجال لإبداعاتهم، ترتقي بهم وتستفيد من إسهاماتهم، لكنها مستعدة للاستمرار بالعمل المتقن والتطور الواجب المنتظر لو غاب جزء منهم.
أبو محمد أسهم مع إخوانه في إنجاز صفقة وفاء الأحرار وفاء بالوعد للأسرى الذين تركهم خلفه في السجون وأرسى استراتيجية وعقيدة مع إخوانه أن إطلاق سراح الأسرى في السجون واجب ومهمة مقدسة.
أبو محمد في السياسة والبحث عن مصلحة الفلسطينيين ولا سيما الأسرى وبناء القوة موجود في مصر موجود مع الألماني موجود مع كل الوسطاء ، وفي ميدان البناء والإعداد والاستعداد شخصية خفية ، فجمع ما بين السمتين في شخصية واحدة أمام أعداء مثقلون بالجراح من الكتائب ، ونجح أيما نجاح في ترسيخ هذا النموذج الفريد.
كنت يا أبو محمد جزءا من الردع والرعب والهيبة ، وبعد ارتقائك تأكد للذين أخطؤوا الحسابات أن المقاومة حالة ردع شامل وراسخ وموثوق يتطور ويتعمق، فهي مؤسسة عظيمة يقودها عظماء.
فلروحك الطاهرة الرحمة والسلام.
كن مطمئنا فالمقاومة على العهد والوعد.