فلسطين أون لاين

غياب المثقفين أغرى المضللين

مساعي الحوار الوطني والتي لا زالت مستمرة تميزت عن كل الحوارات التي حصلت في الماضي أنها جاءت بإرادة فلسطينية من واقع الإحساس بالخطر الموقوت، ولربما الخطورة تجاوزت الحد الزمني المحتمل على القضية والوطن قبل المس والتأثير على رؤية الحركة الوطنية.

هذه الحوارات المستمرة قطعت شوطا كبيرا لا زال يفصلنا عن نهايتها تباينات في المواقف محدودة لكنها لا زالت تحرمنا من الاتفاق.

المبادرة فلسطينية، والمتابعات فلسطينية تتم في سياق رغبة عربية معلنة.

هذه المساعي لأول مرة ترخي بظلالها على الأرض في مجال الانتهاكات التي عكسها الانقسام وأصبحت ممارسات جزء أصيل من قبحه وإساءته للوطن والمواطن، حيث انخفضت الاعتقالات والاستدعاءات والممارسات الأخرى التي تمس الحريات وتعتدي على حقوق المواطنين الأساسية.

الحوار الوطني قرار ذاتي ومبادرة فلسطينية، ويتم في إطار داخلي ، يحرز تقدماً مهماً على صعيد إعادة بناء المؤسسات ديمقراطيا وعلى صعيد توحيد المرجعية والرؤية السياسية والنضالية، ويرخي على الأرض روح الأمل في استعادة الثقة والقدرة على طي صفحات الماضي وما تراكم عليها من مآسي.

لكن الغريب جفاء عدد كبير من الكتاب والمثقفين والسياسيين وعدم دعم المسار واليأس من فرص نجاحه.

هذا الإعراض ربما يبرر في سياق ردة الفعل المجردة بعيدا عن الارتباط بالقضية والالتزام بالرؤية الوطنية المجردة ومقتضياتها من أولويات تتعلق بالجبهة الداخلية والعلاقة بين الفصائل بما يخدم وحدة الموقف السياسي ورص الصفوف في البعد النضالي، هذه مسائل لا يزهد بها ولا تؤخذ مواقف جفاء وانعزال عنها مهما كانت المبررات، فالمثقفون يحملون أمانة رسم الرؤية الوطنية المجردة التي يرجى منها استيعاب كل الاستراتيجيات الطموحة في فضاء المصلحة الوطنية وتحت سقف المـقاومة بكل أشكالها لاستعادة الحقوق وتحرير الأرض والإنسان.

لا ينبغي للسياسيين أن يصبحوا صدى صوت الحالة الوطنية، سكتت صمتوا، تناكفت كتبوا وصرحوا.

لا ينبغي ذلك، فالمثقف ضمير الشعب، والسياسي رأس الحربة.

مسار يضع القضية الوطنية برمتها على الطاولة، مستقبل الوطن، المخرج الوحيد لتصحيح المسار وتقصير المسافة لتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية الوحدة وإعادة اللحمة.

كثير من المثقفين والسياسيين صمتوا يأسًا، ولا ينبغي التخلي عن المسؤولية والاطلاع بالمهمة والرسالة تحت أي من المبررات، فسماتهم ومهماتهم وتفويضهم وانتمائهم مجرد عن تصرفات الحركات والفصائل السياسية، نعم الأحزاب والحركات كان يجب أن تصغي لهم وتمنحهم مساحة تقدر جهدهم، وتلقي بألا لآرائهم، لكن إن لم تفعل لا ينبغي لهم الانكفاء.

هذا الصمت فسح المجال لجهات عدة محاولة صنع الأخبار وتشكيل الرأي العام الشعبي تزويراً لإرادة الناس ومواقفهم، فكل يوم تطالع عشرات الأخبار التي تنشر في الفضاء مزورة مزيفة ، إلى درجة أنها أصبحت وجبات دسمة صباحا ومساءً.

ترسم المسار والمشهد السياسي، ترفع وتخفض، تؤثر على الحالة المعنوية والثقة بالمسار.

إن الذين يمارسون هذا الدور يهدفون إلى إبقاء الشعب الفلسطيني مقسم ضعيف، الأمر الذي يسهل على الاحتلال تنفيذ كل مخططاته في التهويد والاستيطان والحصار وإعدام الأسرى وإذلال الشعب على الحواجز ونقاط المرور.

هم فلسطينيون ليس لهم من اسمهم نصيب، أعداء الشعب والوطن، معروفون بالاسم والرسم، لكن لا مكان للفراغ في هذا الكون، عجْز عدد كبير من المثقفين والسياسيين وتخلفهم عن الاطلاع بدورهم وأداء مهمتهم ورسالتهم تحت مبررات فسح المجال لهؤلاء المغرضون بالتحرك والانتشار وتلويث الفضاء بأكاذيب وأضاليل تحرف الأنظار عن حقيقة الأمور.

لا خيار أمام الشعب الفلسطيني إلا الوحدة، ومصيرها الآن مرتبط بقرارات حركتي فتح وحمـاس، اللتان تبذلان جهودا كبيرة في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل والسامي، لكن إن لم تنجحا في التغلب على ما تبقى من قضايا محدودة سيدفع الوطن والقضية تكاليف كبيرة.

" إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيات مرصوص"

واعلموا يقيناً أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله