ملحمة من الصمود سطرها ولا يزال أهالي الخان الأحمر ذلك التجمع البدوي المصنوعة بيوته من الخيام والصفيح إذْ نجح في الوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لاقتلاعه من جذوره، تمهيداً للسيطرة على شرق القدس المحتلة لإحكام السيطرة على كامل المدينة.
أهالي الخان الذين ذاقوا مرارة التهجير خلال نكبة سنة 1948، يرفضون تهجيرهم قسريا ثانيةً مهما كانت التضحيات التي يقدمونها، وهم الذين يسكنون منذ الـ1967 ببقائهم في بيوتٍ لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء بعيدين عن كل أساليب الحياة الحديثة.
الناطق باسم تجمع أهالي الخان الأحمر عيد جهالين يبين أن الخان الأحمر مستهدف من قِبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967، حيث يتعرض أهله لمضايقات وهدم بيوت ومصادرة الثروة الحيوانية، مشيراً إلى أنه منذ 1975 أعلن الاحتلال المنطقة من شرقي العيزرية حتى البحر الميت منطقة عسكرية مغلقة.
ويضيف جهالين لصحيفة "فلسطين": "ادعاؤهم بأن المنطقة عسكرية ينقضه وجود مستوطنة معاليه أدوميم في المكان"، لافتاً إلى ان الاحتلال يستهدف الخان الذي يوجد فيه الخدمات التي تغذي منذ 1967التجمعات البدوية المجاورة له كالمدارس والعيادة الطبية والمسجد.
ويبين أن بقاءأهالي الخان الأحمر هو أساسصمود بادية شرق القدس، وإذا اقتلع فسيتحقق حلم الاحتلال بإقامة ما يسميها "القدس الكبرى".
ويشير إلى أن الاحتلال يدعي بأن وجود أهالي الخان الأحمر غير قانوني لأنه بدون ترخيص فيما يحجم عن منعهم الترخيص اللازم، قائلا:" هم لا يتركون أي مادة قانونية تخدمهم سوءاً في القانون الأردني أو العثماني أو الإسرائيلي إلا ويحتجون بها في سبيل طرد أهالي الخان".
ويضيف:" الأهالي يعون بأن رحيلهم من المكان يعني أن الاحتلال سيحكم الخناق على القدس كما أنهم موجودون في المنطقة قبل "معاليه ادوميم" ومحرومون من الماءوالكهرباء رغم أنهم استأجروا المكان منذ زمن طويل من أهالي قرية عناتا، فهم مصممون على أنهم لن يسمحوا بتكرار ما حدث في النكبة الفلسطينية سنة 1948 ولن يعودوا للهجرة مرة ثانية وثالثة".
والصمود في المكان ليس بالأمر السهل بالنسبة لأهالي الخان إذ أنهم يعيشون كأنهم في سجن احتلالي حقيقي ، فحياتهم وتحركاتهم مراقبة من قبل المستوطنين حتى في داخل بيوتهم المصنوعة من الصفيح والخشب، قائلاً:" حتى أن المستوطنين يراقبونهم من خلال طائرة بدون طيار تجعل حتى حرمات بيوتهم منتهكة".
ويضيف:" كما أن المستوطنين يضخون المياه العادمة في بركة على بعد سبعة مترات من الخان، مما يجعل من المكان مكرهة صحية ويصيب الأطفال بالأمراض".
ويبقى أهالي الخان في خطر كبير في ظل غياب الدعم الرسمي الحقيقي من السلطة الفلسطينية والدعم العربي الذي لا يتعدى الكلام والشعارات، فيما يبقى الأمل يراود سكانه في دعم قطاع غزة المحاصر له عبر مسيرات العودة التي خُصصتإحدى أيام الجمعة فيها لدعمه، بحسب الجهالين.
ويخاطب الجهالين أهل القطاع قائلاً:" إن الفرج قريب والعودة لا بد منها، فكل الاحتلالات مرت وبقيت فلسطين".
ظلم الاحتلال
بينما يقول منسق حملة "أنقذوا الخان الأحمر" عبد الله أبو رحمة أن صمود أهالي الخان الأحمر يأتي كدفاع عن حقهم الذي يؤمنون به وهو البقاء في أرضهم رغم تصرفات الاحتلال الظالمة من هدم وترحيل بهدف سرقة الأرض ومنحها للمستوطنين.
ويوضح أبو رحمة لصحيفة "فلسطين"، أن كل الظروف التي يفرضها الاحتلال على أهالي الخان الأحمر يراد منها أن تدفعهم للرحيل، فشبكات الكهرباء تمر من فوقهم لمستوطنة "معاليه أدوميم" ولا يُسمح لهم بالتمديد، كما أن المياه تمر من أسفلهم للمستوطنة ذاتها وهم ممنوعون من الاستفادة منها.
ويضيف:" أيضًا لا يُسمح لهم بتعبيد الطريق الواصل بينهم وبين رام الله أو بتطوير بيوتهم وبناء بيوت تقيهم حر الصيف وبرد الشتاء ، حتى أن مرورهم من الشارع الرئيسي المحاذي لهم يكبدهم مخالفات يفرضها الاحتلال عليهم، كما لا أنهم لا يستطيعون الانتشار لرعي مواشيهم إذْ يحدهم من الغرب مستوطنة معاليه أدوميم ومن الشرق الشارع الرئيسي ومن الشمال محمية طبيعية، والجنوب هناك مستوطن يمارس الزراعة في الأرض التي اغتصبها".
ويبين أبو رحمة، أن بقاء الخان الأحمر يعني بقاء 23 تجمعاً بدوياً آخر في شرق القدس والتي إنْ تم الاستيلاء عليها جميعاً فسيتم تحقيق حلم الاحتلال بما يسميه "القدس الكبرى" وفصل الضفة لجزئيْن، ووصل مستوطنات شرق القدس بنظيراتها داخل المدينة المحتلة.