فلسطين أون لاين

​غزّيّون يبحثون عن الرزق في "أزمة الكهرباء"

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

يتشارك الشاب رمضان أبو علي مع ثلاثة من أصدقائه في صناعة "أفران الطين" من القش والطين وكميات ضئيلة من إسمنت البناء، ثم عرضها للبيع في الأسواق الشعبية لعلها تكون عوناً لهم في اكتساب الرزق ومُجابهة قسوة الحياة داخل قطاع غزة المحاصر من كل صوب.

ولجأ أبو علي إلى العمل في مهنة تجهيز وبيع أفران الطين القديمة في ظل تفاقم أزمة الكهرباء بالقطاع، والتي دفعت بمئات العائلات الغزية إلى استخدام تلك الأفران التراثية لتسيير شؤون حياتهم اليومية وإعداد الخبز الطازج ووجبات الطعام بعد إشعال النيران والحطب في جوفها.

واكتسب أبو علي (28 عاما) فنون أسرار صناعة أفران الطين خلال عمله لدى أحد المحال المتخصصة بصناعته في "منطقة الفواخير" وسط مدينة غزة، تزامناً مع اشتداد أزمة الكهرباء وفرض الاحتلال لحصاره، منتصف عام 2007.

وعن ذلك يقول: "لجأت لاكتساب خبرة المهنة بعد تخرجي من الكلية، ولكن لم تعجبني في بداية الأمر، فتركتها وأصبحت أعمل في الانفاق الحدودية ثم في البناء والتشديد، قبل أن أعود مجدداً للصنعة الأولى مطلع 2016، حينما عصف بالقطاع أزمة نقص في غاز الطهي وانقطاع طويل للكهرباء".

أسعار مختلفة

ويشير إلى أن أزمة الطاقة الكهربائية تؤثر بالسلب أحياناً على عمل المخابز الحديثة، الأمر الذي يدفع بعض العائلات إلى شراء أفران الطين لتدبير شؤون حياتها بالقدر المستطاع، موضحاً أن أسعار البيع تتراوح ما بين 80_120 شيكلا، وذلك وفق الحجم وطبيعة الاستخدام.

وتعد مهنة الشاب رمضان واحدة من بين العديد من الأشغال التي لاقت رواجاً لافتاً، بعد ظهور أزمة الكهرباء وتفاقمها دائما في فصل الشتاء، بسبب التوقف المتكرر لعمل محطة التوليد وشح كميات السولار الصناعي الواردة للمحطة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.

ويعاني سكان القطاع من أزمة حادة في انقطاع الكهرباء ، بدأت عقب قصف الاحتلال محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عام 2006، بالإضافة إلى استهداف مخازن الوقود في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، قبل أكثر من عامين.

مهن أخرى

أما العشريني محمد أبو نحل فيعمل على توفير خدمة الإنترنت اللاسلكي في منطقته غرب مدينة غزة طوال ساعات اليوم سواء في حال توفر تيار الكهرباء أو انقطاعه، موضحا أن مهنته ترتكز على توزيع الإنترنت على السكان مقابل أجر مادي يحدد وفق مدة الاستفادة من الخدمة.

ويشرح أبو نحل عن مهنته قائلا "لاحظت في الفترة الأخيرة أن خدمة الإنترنت تنقطع عن السكان فور فصل التيار الكهربائي؛ بسبب عدم توفر مصادر طاقة بديلة لديهم، مما شجعني على تمديد شبكة إنترنت لا سلكي في المنطقة تبقى متصلة طوال الوقت ببطاريات يعاد شحنها".

ووجد أبو نحل في إعادة توزيع خدمة الإنترنت السلكي وغير السلكي فرصة محدودة لإنقاذه من وحل البطالة وندرة فرص العمل، ووفق تلك الأسباب أيضا افتتح الثلاثيني عبد الله رمزي مشروعه الخاص القائم على شراء مولد كهربائي ثم بيع الطاقة الناتجة عنه للمواطنين وفق أنظمة يحددها الشركاء.

وذكر رمزي أن معدل إقبال الغزيين على خدمته جيد وتحديداً من قبل ساكني العمارات والعيادات الطبية وأصحاب المحال التجارية نظرا لحاجتهم الدائمة لتوفر الكهرباء لإتمام أعمالهم اليومية، رغم أن سعر بيع الكيلو الواحد يفوق بعدة أضعاف أسعار شركة توزيع الكهرباء.

وفي خضم استمرار أزمة الكهرباء، ازداد نشاط مهن أخرى كالمراكز المتخصصة ببيع وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية البديلة أو المحال التي توفر بطاريات يمكن أن يعاد شحنها مراراً، وكذلك سبق وأن حظي أصحاب ورش تصليح المولدات الكهربائية بإقبال لافت مع بداية ظهور الأزمة.

وتتراوح حاجيات القطاع من الكهرباء بين 480 و500 ميغاوات، لكن المتوفر قرابة 222 ميغاوات في أحسن الأحوال، وتأتي بالأساس من ثلاثة مصادر، هي: محطة غزة الرئيسية بمقدار ، وخطوط كهرباء قادمة من الاحتلال وأخرى مصرية تزود الأجزاء الجنوبية للقطاع.