قبل اختراع الإنترنت وانتشار القنوات الفضائية لم تكن رؤية الأبناء المشاهد المخلة والخادشة للحياء أمرًا سهل الحدوث، ولكن مع انتشار هذه الوسائل التكنولوجية ودخولها في كل بيت باتت فرص رؤية الأطفال والمراهقين هذه المشاهد بقصد أو بغير قصد كبيرة ويصعب السيطرة عليها، الأمر الذي يزيد من مسؤولية الأهالي في تجنيب الأبناء هذه المشاهد، والتصرف بحكمة عند مصادفتهم أحد الأبناء يرى مشهدًا مخلًّا.
فهذا "أبو سهيل" -وهو رب أسرة من أربعة أفراد- فوجئ عندما دخل بيته عائدًا من عمله بطفله البالغ ست سنوات، وعلامات الارتباك والتوتر تسيطر على ملامحه خلال مشاهدته التلفاز.
وقال أبو سهيل لـ"فلسطين": "عندما اقتربت من التلفاز رأيت مشاهد مخلةً تعرض في إحدى قنوات الأفلام العربية، ولم أدرِ كيف أتصرف: هل أعنف طفلي، أم أعاقبه، أم أعد ذلك فضولًا وموقفًا مصادفًا؟، ولكن ما بدأت أدركه جيدًا هو أن طفلي بحاجة إلى مراقبة أكثر".
وصُدم "أبو رامي" -وهو رب أسرة من ثلاثة أفراد- عندما باغته طفله البالغ من العمر سبع سنوات بسؤاله عن سبب وجود أعضاء بارزة في الأجسام الأنثوية، ولماذا لا يوجد مثلها عند الذكور.
وقال أبو رامي لـ"فلسطين": "لم أعرف كيف أجيب عن هذا التساؤل، ولكني عنفت طفلي وأخبرته أن هذا السؤال عيب كبير، لا ينبغي معرفة الإجابة عنه أو البحث عنها، وأنه عندما يكبر سيدرك الكثير من الأشياء التي لا ينبغي أن يعرفها الأطفال".
وذكر أن إجابته لم تشفِ غليل طفله الذي ذهب إلى سؤال والدته السؤال ذاته، وهي كذلك أصيبت بالصدمة.
كل ممنوع مرغوب
بين أستاذ علم النفس الاجتماعي د. درداح الشاعر أن حب الفضول والاستطلاع عند الأطفال هو "أمر فطري" ينمو مع بداية العام الرابع من العمر تقريبًا، ويبدأ بملاحظة الطفل الفروق الجسدية بين الذكور والإناث، مؤكدًا أن ذلك لا يستوجب القلق البالغ من الأهالي.
وقال الشاعر لـ"فلسطين": "يجب على الأهالي توخي الحذر، ومراقبة كل ما يشاهده أطفالهم ويمرر عليهم، إذ تبدأ معارفهم الشخصية وثقافتهم تتشكل عن الأشياء في سن الرابعة، وفي حال شاهد الآباء أحد أطفالهم يشاهد مشاهد مخلةً هذا ليس يعني ميلًا لدى الطفل إلى تقليدها أو رغبة فيه بقدر ما هو حب استطلاع".
وبيّن أن مشاهدة الأطفال هذه المشاهد تنتقل من حب الاستطلاع إلى مرحلة أحاسيس ومشاعر ورغبات عند دخولهم مرحلة المراهقة، مشيرًا إلى أن الإنترنت والمواقع الخادشة للحياء يغذيان هذه الأحاسيس، ويقودان المراهق إلى مرحلة خطرة، في حال لم يراقبه الآباء.
وشدد الشاعر على أن رد فعل الكبار على تصرفات الأطفال والمراهقين هو الفيصل في تشكيل الثقافة المعرفية لديهم عن هذه الأمور، منبهًا إلى أن ردات الفعل العنيفة ستسبب مشاكل مستقبلية خاصة بالجنس لديهم، قد تؤدي إلى الانحراف الجنسي.
وذكر أن تعنيف الطفل عند مشاهدته هذه الأمور وترهيبه من تكرار ذلك سيؤديان إلى إحدى نتيجتين: إما يقمع الطفل حبه للاستطلاع، وهذا قد ينعكس على استطلاعه جوانب حياتية أخرى، أو قد يتمادى في المشاهدة على أساس أن كل ممنوع مرغوب.
وحذر الشاعر من تصرفات الكبار في كبح جماح أطفالهم عند السؤال عن تفاصيل ما يشاهدونه وعده عيبًا لا ينبغي فهمه، عادًّا ذلك هروبًا من الآباء.
وأضاف: "لا ينبغي الهروب من هذا النقاش، ولا ينبغي أيضًا اختلاق إجابات وهمية وغير منطقية عن أسئلة الطفل، وهذا لا يعني أيضًا منحه الثقافة الجنسية الكاملة التي ستغذي حب الاستطلاع لديه، وإنما تكون إدارة هذا الأمر بتعزيز الوعي الديني لديه: أن مشاهدة هذه الأمور من المحرمات، وأن الأطفال الذين يشاهدونها هم أطفال غير جيدين".
وتابع الشاعر: "ويجب عدم إهمال مراقبة ومتابعة الأطفال عن بعد، والابتعاد عن العنف الزائد مع الأطفال أو عقابهم رد فعل على محاولاتهم الأولى لاستطلاع المشاهد المخلة التي قد يرونها مصادفة".